تمثل الأودية المنتشرة في ربوع السلطنة وجهات سياحية مهمة تسهم في تنشيط حركة السياحة الداخلية، حيث توفر هذه الأودية مساحات كبيرة من الظلال الواسعة ومواقع ترفيه وتخييم بين ربوعها الخضراء ومياهها الجارية حيث نجد الكثير من الأسر والمجموعات السياحية تقوم بزيارة هذه الأودية لقضاء أوقات الفراغ وسط مجاري هذه الأودية وذلك للاستمتاع بما أوجدته الطبيعة من مناظر خلابة ومياه جارية وظلال واسعة تعيد لذهن السائح نشاطه المتأمل في جمالية التنوع الطبيعي، حيث يمثل التداخل بين الخضرة والتكوينات الصخرية ومن حولها المياه الجارية التي تسهم في تلطيف الموقع السياحي أبرز سمات الأودية العمانية، لذا فإن انتشار هذه الأودية في مختلف مناطق السلطنة يسهم في تشجيع حركة السياحة من أجل الإطلاع وحب المغامرة وسط معالم سياحية فريدة. ويعتبر وادي شاب الذي يقع في نيابة طيوي التابعة لولاية صورعلى مسافة 76كم من قريات من الأودية الجميلة التي تشتهر بها المنطقة الشرقية، وقد انفرد هذا الوادي بموقعه المتميز على الطريق الساحلي الذي يربط كلا من ولايتي قريات وصور، حيث جمع هذا الوادي بين الطبيعة الساحلية الجميلة والتكوينات الجبلية التي تحتضن الكثير من مقومات الجذب السياحي. ويعتبر وادي شاب مزارا منفردا تتصافح على أطرافه المياه العذبة المنحدرة من أعالي الجبال مع مياه البحر المالحة وذلك نتيجة قرب الوادي من البحر والذي بدوره ساعد في إيجاد التنوع البيئي الذي صاغت من خلاله الطبيعة مقومات انفرد بها عن باقي أودية السلطنة، وعند التعمق وسط التكوينات الصخرية لهذا الوادي تبهرك تكوينات مجراه التي تكونت في الكثير من البرك المائية والأشكال الصخرية التي نحتتها عوامل التعرية المختلفة. وأصبح هذا الوادي مكانا ترمى فيه النفايات ومخلفات الرحلات فضلا على تلويث مياه الوادي التي تشكل مصدرا رئيسيا للشرب لأهالي نيابة طيوي والمنطاق المجاورة.
في البداية كان لنا حديث مع احد سكان نيابة طيوي علي راشد حمود المقيمي حيث قال: إن وادي شاب يعد من أهم وأعرق الأودية في السلطنة ويعتبر المصدر الرئيسي للشرب لأهالي نيابة طيوي والمناطق المجاورة ولا يستخدم لغرض السقي فحسب بل يستخدمه أهالي المنطقة لغرض الشرب. وأضاف: ان هذا الوادي يوشك على الوصول إلى مرحلة التلوث بسبب الأضرار التي يتسبب فيها السياح العمانيون الذين يأتون إلى وادي شاب لقضاء أوقات الإجازات والاستجمام في هذا المكان، حيث ان الكثير منهم يقومون بالسباحة في الوادي ولا يكتفون بذلك فحسب بل يقومون بإلقاء الفضلات والمخلفات في الوادي وهو ما يؤدي إلى تلوث المياه وبالتالي تعريض أهالي المنطقة للإصابة بالأمراض وذلك من خلال محطة ضخ المياه إلى المنازل والاهم من ذلك أن هذه المضخة لا يوجد فيها (فلاتر ) أو منقيات للشوائب لتجنب الإصابة بأي مرض أو تسمم لهذا يعاني أهالي المنطقة من هذه المشكلة التي أصبحت تأرق أهالي نيابة طيوي بسبب حالات الإصابة بالإسهال والتسمم بسبب استخدامهم لمياه شرب ملوثة.
المشكلة في السياح العمانيين وليس الأجانب
وأوضح المقيمي قائلا: إن السبب الرئيسي والأضرار التي تحدث في وادي شاب هي بسبب بعض السياح. للأسف الصورة التي نراها يوميا من رمي المخلفات وحرق الأشجار وتلويث الوادي هي من فعل السياح العمانيين الذين يفترض أن يكونوا هم أكثر حرصا على الأماكن السياحية من السياح الأجانب. وأضاف: إن أهالي المنطقة قاموا بالمبادرة حيث تقدموا بالعديد من المخاطبات إلى الجهات المعنية طلبا لإيجاد حل سريع لهذه الأضرار التي نراها تحدث وتتفاقم يوما بعد يوم فضلا على حدوث العديد من حالات التسمم لأبناء المنطقة بسبب شربهم لمياه ملوثة من الوادي حيث قاموا بمخاطبة جميع الجهات الحكومية بما فيها وزارة الصحة ووزارة البلديات ووزارة السياحة وشرطة عمان السلطانية والهيئة العامة للكهرباء.
دعوة لمشاهدة ما يحدث في الوادي
وأضاف: أنا أوجه دعوة للمسؤولين لزيارة وادي شاب لمشاهدة المشكلة على الواقع ورؤية الممارسات الخاطئة التي يقوم بها السياح من تخريب للممتلكات الخاصة وتلويث الوادي. وقال: إن من يأتي إلى زيارة وادي شاب سيرى صورة أخرى لهذا الوادي غير الذي يعرف عنه والسبب هو تحول الوادي إلى مكان لرمي النفايات والمخلفات فضلا على أن الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء حول الوادي بدأت تأخذ شكلا آخر بسبب عمليات الحرق وقص الأشجار المستمرة من قبل السياح.
مناظر محرجة
ويقول عزان بن جمعة بن خميس المقيمي: لعل الكثير لا يعلم أن المزارع المحيطة بالوادي تعد ممتلكات خاصة لأشخاص لذلك يقوم أصحاب المزارع بالتوجه يوميا لمزارعهم وخلال عملهم يتعرضون إلى أمور محرجة من قبل السياح الذين يقومون بالسباحة بالقرب من المزارع مما يسبب إحراجاً لأهالي المنطقة خصوصا النساء. فمنظر السياح الذين يقومون بالسباحة في الوادي منظر غير لائق لذلك لا تتمكن النساء من الخروج إلى العمل في وجودهم لذلك أهالي المنطقة منزعجين كثيرا من هذا الموضوع ولا يكتفون بهذا وحسب بل يقومون بصياح وصراخ وقرع الطبول داخل الوادي مما يسبب إزعاج أهل المنطقة حيث لم يتم وضع لوائح تشير إلى عدم السباحة في الوادي وعدم رمي المخلفات أو ازعاج السكان. ولانبرئ السياح بل يجب عليهم هم أيضا المحافظة على الممتلكات الخاصة والأماكن السياحية التي تمثل جزءا من بلادهم.
تخريب الممتلكات الخاصة
من جانبه قال جمعة بن علي بن ناصر النظيري: إن الممتلكات الخاصة للمواطنين تتعرض كل يوم إلى التخريب حيث يقوم السياح بالدخول إلى المزارع من دون إذن ويقومون بإشعال النار لغرض الطبخ مما يؤدي إلى تشويه أرضية المزرعة إضافة لحرق الأشجار ولاسيما أشجار النخيل التي تقطع يوميا مما يؤدي إلى المزيد من الخسائر التي يتكبدها المزارعون يوميا وهذا يتطلب من المزارعين ذوي الدخل المحدود دفع فاتورة إضافية لصيانة الأضرار التي تنجم من السياح العمانيين. هذا السيناريو بات شبه يومي نراه أمام أعيننا ولانستطيع فعل شي لإيقاف هذه المشكلة فتخريب ممتلكات الغير يعد أمرا غير حضاري ومنافيا للأعراف والتقاليد فالعمانيون عرفوا منذ قديم الزمان بأخلاقهم السمحة.
غياب الخدمات السياحية
وأشار صلاح بن سعيد المقيمي قائلا: إن وادي شاب يعتبر معلما سياحيا وواجهة للبلد فتوافد السياح مستمر بشكل يومي ولا ينقطع لرؤية وادي شاب نظرا لقربه من العاصمة مسقط. كما أن الوادي يتميز بالمناظر السياحية الجذابة الشيء الذي أعطاه تميزا عن باقي الأودية في السلطنة بيد أن هذا التميز وحده لا يكفي مع عدم توفر المقومات السياحية فيه فهناك الكثير من الخدمات التي نحتاج إلى وجودها في الوادي كالمرافق العامة ودورات المياه فضلا على أن الوادي لا يوجد فيه بقالة لبيع الماء والعصائر فالسياح دائما يسألون لماذا لا توجد بقالة لبيع مستلزمات الأكل والشرب. وأضاف: والأهم من ذلك لا توجد هناك لوائح إرشادية في الوادي فمن الضروري وجود لوائح إرشادية للتعريف بالمكان ولوائح تشير إلى المحافظة على الوادي هو مطلب ضروري لأبناء المنطقة لكي تكتمل الصورة.
التوعية والإرشاد
وأضاف: توجد أماكن خطرة بالوادي ولذلك يجب أخذ الحيطة والحذر فيها ووادي شاب كبقية الأماكن السياحية التي توجد فيها أماكن خطرة ولقد حدثت من قبل وفيات وصلت حتى الآن إلى خمس وفيات بسبب عدم المعرفة التامة بهذا المكان. فهذا هو دور الجهات المعنية المتمثلة في وضع لوائح إرشادية لتوعية المواطنين وتعريفهم بالمكان. ولأن هذا الموضوع هو موضع مهم طالبنا البلدية وإدارة السياحة بوضع لوائح إرشادية لكي يتجنب الزوار الذهاب إلى الأماكن والحذر، كما طالبنا وزارة السياحة بضرورة وجود مرشدين سياحيين في الوادي لإرشاد السياح ولكن ما من مجيب. ونحن نطالب بتوفير هذه المتطلبات أسوة بباقي الأماكن السياحية في السلطنة فوادي شاب لا يقل مكانه عن باقي الأودية والأماكن السياحية في السلطنة.
معاناة أهالي المنطقة
ويقول إبراهيم بن محمد بن علي المقيمي: القضية ليست موجهة إلى جهة معينة فحسب بل إن جميع الجهات مطالبة بإيجاد حل سريع لهذه المشكلة التي أصبحت تؤرق الجميع بسبب معاناة أهل المنطقة وتكبدهم الخسائر المادية والأضرار البشرية بسبب شرب المياه الملوثة. وأضاف: نحن أهالي نيابة طيوي نلتمس المساعدة من الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة السياحة ووزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه لجعل هذا المعلم السياحي ليكون واجهة يفتخر بها كل عماني من خلال توفير الخدمات السياحية وتوعية السياح بضرورة المحافظة على الوادي.