أعدتها للنشر سعاد العلوية : في دراسة تربوية بعنوان (التربية الإيجابية لتلاميذ الحلقة الأولى ودورها في الارتقاء بالمستوى التحصيلي والسلوكي للتلميذ) أجرتها المعلمة حنان بنت فايز العلوية خرجت التوصيات بضرورة مد جسور التواصل بين العملية التعليمية التعلمية وبين أسر التلاميذ ومنها انبثقت فكرة تطبيق مبادرة “أمي معلمتي” في الرياضيات والعلوم كأحد أنجح المُبادرات الداعمة للمنهج الدراسي، حيث وفرت للتلاميذ خبرات متنوعة بعد تفعيل العلاقة التكاملية بين الأسرة والمدرسة.
ارتأت المعلمة حنان أن تنقسم أهداف هذه المبادرة إلى هدفين حيث تقول: مبادرة “أمي معلمتي” هي مبادرة تحصيلية سلوكية، فهي في جانبها التحصيلي تعنى بالشأن التعليمي من حيث مستوى الإجادة في المادة وآليات التعامل مع حالات الطلاب المختلفة من مجيد ومتوسط في الإجادة ومن ينبغي وضعهم تحت ملاحظة مستمرة من قبل المدرسة والأسرة، حيث خرجت هذه المبادرة- في جانبها التحصيلي- إزاء ما لاحظته من ضعف رياضي لدى تلاميذها والتي نتج عنها شكوى وليات الأمر من عدم معرفتهن للمستوى الحقيقي لأبنائهن إلى جانب ضعف الثقة لدى التلميذ أثناء قيامه بحل المشكلة الرياضية بعد أن التمست ــــ شخصيا ـــ أن أحد أسباب هذا الضعف هو التساهل في متابعة مستوى أداء التلميذ/التلميذة من قِبل عدد كبير من الأسر.
تؤمن صاحبة المبادرة أن اختبار تحديد المستوى أو (الاختبارات التشخيصية) من أفضل وأنجح بل وأسهل الطرق المتبعة إذا ما أراد صاحب أي مبادرة تختص بتحصيل التلاميذ أن يدرك من أي زاوية يبدأ، فهي تسهل على المعلم تشخيص مستويات الطلاب ومواطن ضعفهم وقوتهم وهذا يقينا يعتمد اعتمادا كليا على تنوع الأسئلة في الورقة الامتحانية من تنوع في المستوى وتنوع في شكل السؤال إن كان مسألة كلامية أو مباشرة(بالنسبة لتلامذة مادة الرياضيات) أو أن يكون سؤالا مباشرا ـــ اختيار من متعدد ــــ أم أنه سؤال تعليل(بالنسبة لطلاب مادة العلوم).
لذا فقد شرعت المعلمة في الآتي:
– (مرحلة التشخيص) إجراء اختبار تشخيصي في اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، ثم تحليل نتائج الاختبار التشخيصي و تقديم تغذية راجعة للاختبار، وننتهي بتصنيف التلاميذ حسب النتائج.
-(مرحلة المسابقة): وشملت الإعلان عن انطلاقة مسابقة(أمي معلمتي) عبر الأنشطة اللاصفية التي تُعطى للتلاميذ بعد مُضي 21يوما من بدء العام الدراسي الجديد، والإعلان عن المسابقة عبر منتدى المجال الثاني في المنتدى التربوي، وتعريف أمهات التلاميذ بماهية المسابقة، إلى جانب توزيع استبانة الرضا عن مستوى التلميذ، وتحليل الاستبانة، ومقابلات وليات أمر التلاميذ.
– (مرحلة التعميم): تقوم المعلمة بتنفيذ عدة مشاغل لمعلمات المجال الثاني بالمحافظة، يتخللها توضيح أكثر للمسابقة وآلية تنفيذها وإمكانية تعميمها لبقية المواد الدراسية.
ولثبات خط سير المسابقة كما هو مخطط لها مسبقا دأبت المعلمة حنان على متابعة الأسر لمعرفة ما إذا كانت متابعة لأداء التلميذ لواجباته المدرسية، ومع التأكيد على أن يقوم التلميذ بحل واجبه بنفسه. ثم ارتأت بأن تقوم الأسرة بتخصيص كراسة منفصلة لتقديم أنشطة، ومسائل رياضية(لتلامذة مادة الرياضيات) متى ما أمكنها ذلك ودون أن تتقيد الأسرة بأيام محددة أو كراسة معينة ناهيك عن أن كل ولية أمر تعلم مبدئيا مستوى طفلها وما هو بحاجة إليه. فيما أتيحت الفرصة للأسر أن تتخذ عوضاً عن الكراسة أنشطة ورقية منفصلة شريطة أن يسهل تجميعها في ملف واحد. وقد ركزت على أن تتسم الأنشطة المُقدمة بالتنوع(مسائل لفظية-مزاوجة-اختيار من متعدد)، و تخللت هذه المهمة اختبارات الكترونية للتلميذ في المنزل بمساعدة ولية الأمر. والأهم من ذلك أن المبادرة تدعم آلية تفريد التعليم؛ حيث أن كل طفل له سرعته ومستواه في الفهم والتفاعل تجاه المادة العلمية.
نتائج الاختبارات التشخيصية
أبرز الملاحظات التي خرجت بها من خلال أداء التلاميذ في الاختبار التشخيصي الأول:
– ثقة التلميذ بقدرته على حل الورقة الامتحانية مهزوزة.
– ثقافة التعامل مع الورقة الامتحانية لدى التلاميذ تكاد تكون ضعيفة جداً بالمقارنة مع عمر التلاميذ في هذا الصف.
– عند جمع أي عدد مع الصفر فإن الناتج من خلال إجابات التلاميذ يكون صفراً.
– عند طرح الصفر من أي عدد يكون الناتج صفراً،وهذا أيضاً من خلال إجابات التلاميذ.
ما لزم الوقوف عليه:
-غرس الثقة في نفس التلميذ بقدرته على حل أسئلة الورقة الإمتحانية.
-التغذية الراجعة لما تم تناوله من المواضيع التي شملتها الورقة الإمتحانية.
-تعويد التلاميذ على كيفية التعامل مع الورقة الإمتحانية.
وبعدها تم تصنيف التلاميذ حسب نتائج الاختبارات إلى عدة فئات:
ـــــ مُجيد ــــ متوسط ــــ بحاجة إلى مساعدة المعلمة. كما يتم تصنيفهم حسب اختبار الألوان، والتآزر الحركي(بالنسبة لتلاميذ الصف الأول الأساسي).
الاختبار التصحيحي للاختبار التشخيصي
ـــــ بعد تقديم التغذية الراجعة للتلاميذ بناء على نتائج الاختبار التشخيصي محاولة لتحسين الملاحظات التي خرجت بها باشرت باختبار تصحيحي لمعرفة ما إذا ثمة تحسن في مستوى الطلاب وكانت الملاحظات كالآتي:
– تلاميذ الحلقة الأولى بحاجة إلى متابعة حقيقية وشراكة فعلية من قِبل الأسرة(ولي الأمر/ولية الأمر/الأخوة الكبار).
– الجمع بطريقة أفقية ما زال يمثل هاجس كبير بالرغم من تحسن نتائج التلاميذ مقارنة بالاختبار التشخيصي/المستوى الثاني.
– التلاميذ بحاجة إلى تأكيدات في أسرار عملية الجمع وخاصة مع إعادة التسمية.
– ينبغي تعويد التلاميذ على أسس عملية الجمع فالآحاد مع الآحاد والعشرات مع العشرات.
– ينبغي على معلمة المجال الثاني التنويع في طريقة طرح مسائل الجمع/الطرح، وعدم الاعتماد على نوعية محددة من المسائل الرياضية.
– ينبغي على جهات الاختصاص في وزارة التربية والتعليم مراعاة الأسس في إخراج الورقة الامتحانية للاختبارات التشخيصية للحلقة الأولى.
– ينبغي على جهات الاختصاص في وزارة التربية والتعليم الاعتداد بالاختبارات التشخيصية وجعلها شاملة لجميع صفوف الحلقة الأولى وللوزارة حرية اختيار الوقت.
حالة خاصة
وتسرد المعلمة حنان حالة خاصة لأحد التلاميذ الذين تبدل وضعهم الدراسي ضمن مبادرة أمي معلمتي فتقول: واجهني تلميذ في الصف الأول الأساسي كان لا يستطيع مسك القلم في بادئ أمره حيث كانت الكتابة بالنسبة له فعل قاس جدا لدرجة أنه كان يبكي أثناء مسك القلم والكتابة.
لفت نظري بعدها أن عضلات يده لم تنم بعد بالشكل الكافي فابتعدنا عن التعلم بالكتابة واتجهنا للتعلم بالتلوين حتى استقر وضع التلميذ نفسيا. وبمساندة من المعلمة فاطمة الساعدية معلمة اللغة العربية أصبح بعدها تلميذي يستطيع الكتابة وجميع تلك الآلام أضحت من الماضي. بدأت بعد ذلك تظهر علامات النبوغ والإجادة على تلميذي الذي كان يبكي أثناء الكتابة وكنت أبكي معه تألماً من ألمه. وضمن مبادرة “أمي معلمتي” حصل نفس التلميذ- المعالجة من قبلنا- على لقب التلميذ الأكثر تطوراً في التحصيل الدراسي، وسريعا ما تطور مستواه التحصيلي إلى مصاف المجيدين بحصوله على لقب التلميذ المجيد في التكريم الثاني من المسابقة.
وتجيب المعلمة حنان عن الخطة العلاجية التي اتبعتها لتحسين وضع ذات التلميذ بقولها: في بداية التعامل معه استعنت بطريقة التمتين “من خلال تدعيم نقاط الإجادة مهما كانت”، ثم انتقلت بعدها معه إلى التركيز على نقاط القوة لتدعيمها ونقاط الضعف للرقي بها.
بعدها استعنت بخال التلميذ-معلم أول كيمياء- من أجل مساعدتي في إثراء إجادة التلميذ من خلال تعريضه لمواقف متنوعة من أسئلة الذكاء لما لمسناه فيه من نبوغ ملحوظ بعد المعالجة، حيث كان يُجيب عليها بكل سهولة وبعد تفكير غير طويل.
تلميذي دربته على طريقة (سكامبر للتفكير الإبداعي)، أذكر ذات مرة أنه اكتشف طريقة للحصول على ناتج جدول الرقم 9 استغرقت منه العملية بضع دقائق فقط ليخرج لنا ذلك الاكتشاف الرائع.
أمور لا بد منها في العملية التعليمية
ترى المعلمة حنان العلوية أن مهنة المعلم ليست مجرد أداء واجب تجاه المهنة للحصة الدراسية فحسب بل هي مسؤولية كبيرة لا سيما مع معلمي مدارس الحلقة الأولى حيث تقع على عاتقهم مسؤولية التنشئة التعليمية الصحيحة للتلاميذ. فمن واجب المعلم المتابعة لمستوى الطالب منذ بداية العام الدراسي ومحاولة معرفة مواطن ضعفه وقوته في عملية التعلم وظروفه الصحية والنفسية والأسرية وما إذا كان يحتاج لأن يكون تحت ملاحظة خاصة سواء من المنزل أو من المدرسة.
وعلى المعلم/ المعلمة محاولة الولوج لعالم الأطفال في مثل هذا السن باكتشافهم أكثر واكتشاف اهتماماتهم الشخصية وهذا من شأنه أن يوجد للمعلمة بابا أوسع لاختيار الطريقة الأمثل التي تناسب هذا الطفل في التعلم.
يجب الأخذ بعيد الاعتبار أن التعليم الجامد يضر بالتلاميذ في مثل هذه المرحلة العمرية بل على المعلم/المعلمة الاستعانة بالألوان والشخصيات الكرتونية وتوسيع خيال الطفل لأبعد من غرفة الفصل الدراسي وتطويعه من أجل تعليمه.
وتناشد المعلمة حنان العلوية المعلمين بضرورة القراءة المكثفة فيما يخص التعامل مع المرحلة العمرية التي يقومون بتعليمها ومعرفة الطرق الأنسب لهم من أجل تفادي تعثر الطالب دراسيا منذ مراحله الأولى. إضافة إلى القراءة في فن التعامل بالألوان والأشكال وتوظيف بعض الألعاب قد الإمكان لأن هذه الطرق لها شأن كبير في توصيل المعلومة بسهولة ويسر.