حرفة النسيج في ولاية صور آيلة للاندثار

بعد تجاهل الجهات المعنية لاحتياجات المصنع –
محمد الداودي: مكتب الحرفية بإبراء عاينوا احتياجات المصنع ولم نتلقَّ ردا إلى الآن خسائرنا من المنتوجات في “جونو” 7000 ريال –
تدهور حالة المصنع جعلت العاملين يهجرون المهنة –
ما نزال نتلقى الطلبات ولكن الوضع الحالي لا يسمح –
متابعة: سُعاد بنت فايز العلوية –

بنيان شبه متهالك وآلات نصفها مهجور بعد أحداث الأنواء المناخية في 2007وفي 2010م، منظر يعطي شعورا بالأسى للزائر لمصنع النسيج بولاية صور. لم نجد حلا إلى الآن لوضع (مصنع السفن) بالولاية لنقف أمام حرفة أخرى في طريقها للاندثار، ليأتي نهار تنعدم فيه ملامح التراث العماني من هذه الولاية العريقة ذات الإرث التاريخي المشهود.
ويعد مصنع النسيج بولاية صور أحد أهم رموز التراث الآيل للاندثار في الولاية نتيجة انعدام الدعم والتمويل من الجهات الحكومية المعنية والشركات الرائدة في خدمة المجتمع، حيث تحول المصنع بعد الأنواء المناخية المتوالية إلى وضع يرثى له في ظل محدودية الدخل لأصحاب المصنع وهجر الشباب للمهنة. تتوالى الزيارات والوعود من قبل المعنيين في الهيئة العامة للصناعات الحرفية وأصحاب الشركات من أعوام عديدة دون أدنى حراك إيجابي تجاه هذا المصنع، الذي يعد الوحيد في ولاية صور بعد ترك أهلها المهنة نتيجة البحث عن وظائف تسد الحاجات اليومية للأسر.
(عمان) تسلط الضوء على قضية إهمال إعادة تأهيل مصنع النسيج بولاية صور.
مخاطبات دون ردود
غالبا ما يشتكي المواطنون من أن مخاطباتهم للجهات المعنية لا تحظى بردود سواء بالقبول أو الرفض وقلة منهم من لا يفقدون الأمل ويستمرون في إرسال المخاطبات. ويسرد لنا محمد بن حمد بن عبيد الداودي -أحد ملّاك المصنع- عن مقدار الزيارات التي حظي بها المصنع من أجل الوقوف على احتياجاته حيث يقول: بعد الأنواء المناخية التي مرت على السلطنة في العام2007 تلفت كل منتوجاتنا وطلبات الزبائن من النسيج بما قيمته 7000 ريال عماني، وقد تلقينا على إثرها زيارة من وفد الهيئة العامة للصناعات الحرفية من مكتب ابراء وسجلوا خسائرنا ومتطلبات المصنع ولم يعاودونا.
راجعنا الهيئة وفرع إبراء عن موضوع زيارتهم فأجابونا (أُمرنا من الهيئة بإجراء هذه الزيارة وقمنا برفع التقرير)!. وعُدنا لمراجعتهم مرات عدة وكل ما طالبنا به صيانة للمصنع حتى يعود كما كان وأفضل وسعيا منا لتخليد هذه الحرفة سنوات عديدة، وفعلا زارنا الوفد للمعاينة؛ ولكن لم يعاودونا منذ 3 سنوات.
ويستغرب الداودي الزيارات التي حظي بها المصنع من جهات عدة دون أدنى حراك من قبل الزائرين للمعاينة حيث يقول: كانت هناك زيارة أخرى لامرأة بمنصب مدير عام تسويق في إحدى الشركات في مسقط ووعدتنا بمخاطبة الديوان عن موضوع المصنع واحتياجاته، وأخذت نسخ الرسائل والمخاطبات التي خاطبنا بها الجهات من قبل ولم نحصل منها على رد منذ سنتين، حتى المخاطبات لم ترجعها إلينا. وهكذا هو الحال، كل من نخاطبهم يأتون لمعاينة الوضع ولا تأتينا منهم ردود. حتى حين رغبت في الالتحاق بجائزة السلطان قابوس للإجادة الحرفية بمجسم كارية وبه (شادر ) من نسيج البريسم تم رفضها فور إنزالها إلى مقر استلام المشاركات في إبراء، ولم يعلمني الموظف حتى عن إشكالية العمل.
فيما يحدثنا محمد الداودي عن الدعم الذي حصل عليه منذ سنوات مضت ولم يكن بالدعم الكافي، حيث قال: المخاطبة الوحيدة التي أثمرت في وقتها كانت بعد عناء السفر من صور إلى مسقط في تلك السنوات كانت في سنة 1999 وقبل إنشاء الهيئة العامة للصناعات الحرفية، بعد أن تعرض المصنع لحريق أودى به، فسعينا برسائل ومخاطبات إلى أن استطعنا وبمساعدة أحدهم إيصال الرسالة وتم تحويل الموضوع للديوان. وبعد تدارس الموضوع أُمِر لنا بدعم قيمته 5000 ريال عماني ووقعنا على استلام المبلغ، وقد استطعنا من خلاله تسوير المصنع.

تزايد الطلبات من الزبائن
ويتابع الداودي قائلا: ما نزال نتلقى الطلبات من مصيرة وصلالة ومحوت وسناو والباطنة، ولكن وضع المصنع لا يسع لتغطية كل هذا الكم من الطلبات بسبب تدهور حاله والتحاق أبنائنا للعمل في شركات القطاع الخاص، ولو أننا قوبلنا بدعم يرفع من قيمة هذا المصنع ويعيد تأهيله، لما اضطر أبنائي للخرج للبحث عن عمل في الشركات وبراتب لا يتعدى 300 ريال عماني!. أبنائي وأحفادي محبين للمهنة ويجيدونها، إضافة إلى أننا كنا قد خصصنا كارية لتدريب الشباب في المنطقة، ولكن محدودية الدخل الناتجة عن تدهور حال المصنع جعلتهم يهجرون المهنة والخروج للبحث عن وظائف.
وبحسب ما يروي الداودي ومن عاصروه في فترة مضت أن قرى ولاية صور كانت تشتهر بصناعة النسيج حيث كانت قرية عبات تضم 40 كارية لأعمال النسيج، واليوم لا يوجد سوى كارية واحدة. أما قرية منطقة واد فقد كانت تضم 15 كارية واليوم واحدة، وكذا الحال بالنسبة لقرية العيجة التي كانت تضم 4 كاريات للنسيج وجميعها اندثرت. ويضيف: أبناؤنا وبرغم حبهم للمهنة إلا أنهم لم يعودوا يرغبون في مزاولة المهنة بسبب ضعف الدخل، ذلك أن المصنع وبهذه الحال لا يستوعب الطلبات المتزايدة من الزبائن في مختلف ولايات السلطنة. وحتى وإن رغبوا فيها فإن غياب الدعم والوضع الذي بات فيه المصنع لا يعطي دافعا لشبابنا في معاودة إحياء هذه المهنة.

آمال معلقة
وعن آماله المرجوة من الهيئة العامة للأعمال الحرفية يقول محمد بن حمد الداودي: نطالب من الهيئة التواصل معنا من أجل إعادة تأهيل وبناء المصنع، أو أن تتبنى إحدى الشركات الرائدة في خدمة المجتمع هذا المصنع بتمويله من أجل أن يعود لسابق عهده مصدرا لدخل أسرنا ورافدا لهذه المهنة المتوارثة منذ القدم. فقد أولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد اهتماما ملحوظا في الحفاظ على الموروثات من الصناعات التقليدية العمانية وحمايتها من الاندثار. ولعل خير دليل على ذلك إنشاء الهيئة العامة للصناعات الحرفية ، والتي تحمل ضمن أهدافها حصر وتوثيق كافة الصناعات الحرفية وخاماتها واستخداماتها التي تمتاز بها كل منطقة من مناطق السلطنة وحمايتها. وإذكاء الدافع التسويقي للحرفيين عن طريق خلق منافذ تسويقية داخلية وخارجية وتشجيع القطاع الخاص على تسويق منتجات الصناعات الحرفية. وأيضا فإن الهيئة تهدف إلى الاهتمام بالأنشطة البحثية الحالية والمستقبلية من الحرفيين في مختلف الصناعات الحرفية واستحداث صناعات حرفية أخرى ذات جدوى اقتصادية.

 

Exit mobile version