يوسف بن علي البلوشي
كان ذلك في شتاء عام 1996، عندما دخلت المركبات السلطانية الخضراء تسبق قدوم الموكب السامي بأيام إلى ولايتي صور، تحولت القرى الوادعة بين جبالها وعلى سواحلها إلى بهجة وفرح مستبشرة بقدوم سيد السلاطين، فأعتلت المنازل والبيوت وسفوح المناطق الألوان الحمراء وصور جلالة السلطان المعظم وأصبحت المدينة في حركة دؤوبة ليل نهار ترسم فنون الاستقبال الشعبي الذي يليق بقدوم باني نهضة عُمان ومؤسس دولتها الحديثة.
يومها كنت على مقاعد الدراسة الجامعية، ووصلتنا نحن طلاب ولاية صور أخبار عن مقدم سلطان عُمان، فكانت الحظوة لنا أن نشهد أحد أهم اللقاءات المباشرة التي عودنا عليها جلالة السلطان نحن أبناء عمان.
لم نفوت رغم مشقة الطريق الواصل بين مسقط وصور يومها والذي يمتد 3 ساعات ونيف أن نحضر المناسبات المصاحبة للمقدم السامي.
وقدم الموكب المهيب لجلالته حفظه الله ولاية صور وسط الورود المنثورة والبهجة المرسومة والفنون المُغناة واستهلال الأهالي فرحتهم برؤية جلالته.
وكانت هي بشرى أن يحل جلالته في صور وتتشرف بحاراتها وأحيائها وكل مفاصلها بمكوث جلالته الذي أزدان المكان به خلال تلك الأيام ويعيش بين الأهالي فرحتهم وعشقهم اللامتناهي له.
وفعلاً استطعنا أن نشهد يومها نحن كطلاب تلك الأيام حظوة رؤيته يجوب شوارع الولاية ويستطلع مظاهر التنمية ويوجه بملامح جديدة من البناء لتعطي صور زخما جديدا من التعمير شمل مختلف جوانب الحياة، وتبدلت الحلل الصورية التي كانت ترتديها الولاية بأثواب العز والفخار وتكلل الجمال الذي كانت تتمتع به بأيقونة إضافية مزدانة بما مكنه لها جلالة السلطان المعظم -حفظه الله-.
في مشهد بأحد أيام التشريف السامي شهدته بنفسي في شوارع صور كان جلالته يجوب الأحياء والطرقات ويستطلع كل صغيرة وكبيرة ويناظر كل بنيتها الحالية آنذاك من ميناء وقلاع وحصون ويتحدث مع أبناء الولاية في مواقف مختلفة، وسط انتعاش كبير للولاية وسرور.
لم تكن تلك الأيام عادية، بل كانت مخضبة بوهج ونور وسمو التشريف السامي وكان امتداده يصل لجميع ولايات محافظة جنوب الشرقية، وعزفت المدن أوتار السعادة على لحن المشاهد المتواضعة التي كان فيها جلالته يستطلع رأي المواطن ويقف على احتياجاتهم شخصياً ويأمر بكل جديد، لتتفجر بعدها في صور المشاريع المتوالية والتحديث الدؤوب الذي صنع من صور اليوم وجهة سياحية واقتصادية وجمالية تعم كل تفاصيلها الحياتية.
إن من صنائع الجولات السامية المشهودة لعاهل البلاد المفدى تحول المدن والولايات إلى شلالات من الفرح والبهجة وتعيش أعيادا مختلفة تضاهي المناسبات الوطنية المعروفة.
ومن نسيج يوليو المعروف الذي امتد إلى وقتنا الحاضر صانعا من اللوحة الأولى رسومات متنوعة تلامس الحياة العامة ويتنفس هواءها كل مواطن حاضرا ومستقبلا، حفظ الله جلالة السلطان المعظم وأمده بالصحة والعافية والعمر المديد.