سليمة بنت عبدالله المشرفية
التاريخ، ذالكم الديوان العملاق الذي سطر حوادث الأيام وصور لنا تفاصيل حياة الأنام وأحوالهم وإنجازهم واخفاقهم وصراعهم من أجل اثبات أفضليتهم وإن كان على حساب بعضهم البعض في كثير من الأحيان!
أحداثٌ توالت وأزمنة تصرّمت على عالمنا عامة وعلى الإنسانية خاصة منذ أن شاءت إرادة المولى عز وجل استخلاف البشر على هذه الأرض، والتاريخ يسرد لنا حكاياتهم على مر القرون وما اقترفته أيديهم على ظهرها من خير وشر بكثير من الغموض الذي تفرضه الأهواء والانتماءات وتطمس حقيقته الأنواء والتقلبات!
وفينا بعد كم هذه الحواجز الزمكانية والوجدانية من يدّعي معرفة حقيقة أحداث وتوجهات أشخاص لم يُعايش تجربتهم الحياتية ولم يختبر ظروف زمانهم
أحداثٌ تشرذمت على أساسها الأمم وأمتنا الإسلامية خاصة حتى غدت جماعات وأحزاب كل جماعة تدّعي حيازة الحقيقة كاملة دون أدنى شك وتحارب كل رأيٍ يناقض رأيها أو وجهة نظرٍ مختلفة وإن كانت براهينها أقوى ودلائلها أعمق
وقد نهانا كتاب الله أن نقصد التاريخ لمجرد الاختلاف في آيتين كريمتين تكررتا في سورة واحدة”تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ”
وإنما يُقصد التاريخ لأجل الاعتبار من أخطاء الأمم السابقة لتجنب اخفاقاتها والاستبصار بصوابها لتوظيفه بما يخدم المعرفة الإنسانية ويرتقي بتطلعاتها “قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ”
وفي حياتنا المعاصرة رغم تيسر المعلومات وسهولة التوصل إليها دون جهدٍ يُذكر إلا أن كثيرا ما تتشعب وجهات نظرنا اتجاه أحداثٍ وقعت في عصرنا ونختلف حولها رغم قربنا منها ومعايشتنا لها إلا أنها تبدو غامضة ومشوشة أمامنا فكيف بأحداثٍ عفى عليها الزمان وجرى عليها قلم الحدثان حتى غدى كأن أمرها ما كان؟!