عزيزة المخينية
لحديث أصدقائي متعة لا تضاهيها متعة، فعند لقائي بهم في ساحة حارتنا أطير فرحا لأن بيننا حكايات غلفها الزمن، حكايات فيها من التفاصيل الغائبة الشيء الكثير.
ما أن نجتمع سويا حتى تبدأ الأحاديث تسترسل من أفواهنا باشتياق دون قيد أو مراقبة، أحاديث طواها فيروس كورونا وقيّد متعة اللقاء وحصرنا في دائرة ضيقة لا نستطيع الخروج منها، ولكن يجب أن نطلق العنان لأنفسنا إذا حان وقت الأحاديث واللعب وركوب الدراجات الهوائية وإدخال الكرة في شباك المرمى، فوقت الأصدقاء لا يعوض ولا يستبدل.
هيا بنا نجتمع في تلك الساحة الواسعة التي ضمت مرحنا وصراعاتنا، هيا نجتمع مجددا ولا نبالي بما يقولون أن الفيروس موجود بين ثنايا دروبنا وطرقاتنا، فطفولتنا أهم من كل ما يقولون، هذه الطفولة التي ستكون مجرد ذكريات بعدما نكبر، حين ندخل عالم الكبار، عالم الجدية ولا مكان للطفولة.
ولكن دعونا نتوقف لحظة، هل لهذا اللقاء متعة وهل حقا سيعوض ما فاتنا؟! وهل لطفولتنا حق علينا كي لا نهتم بما يقوله الكبار بما فيهم الأطباء؟! فواقع اليوم قد تغير، فيروس كورونا قد طغى على الجميع بما فيهم الأطفال فقيّد حريتهم ولعبهم، وإجبارهم على ترك مسافة آمنة تزيد على مترين شبه مستحيل، وقد يتملكهم الكره تجاه شخص ما إذا نصحهم بعدم التجمع في ساحة اللعب وإن كان قريبا من بيوتهم، فمكنونات الصغار صعبة المراس قد لا ندركها نحن الكبار.
وعلى الرغم من ذلك فإن الأطفال لم ينجوا من مخاطر كورونا، وأجنحة المستشفيات بها بعض الأطفال المرقدين الذين يعانون من صعوبة التنفس وارتفاع درجات الحرارة وصداع بين الفينة والأخرى، فيروس لم يرحم طفولتهم ولم يرحم براءتهم، اجتاح أجسادهم النحيلة دون استئذان، واليوم هم ينامون على أسرّة بيضاء محاطة بأجهزة كئيبة يأملون في الخروج السريع من هذا المكان ليعودوا لحياتهم الطبيعية وتعود لهم طفولتهم المسلوبة بسبب هذا الوباء، فالطفولة تعني الحياة والمرح والحرية دون احترازات.
ولكن لنتوقف للحظات تساعدنا مجددا في التفكير في موضوع الفيروس وأنه لايزال متربصا بنا ولديه قدرة عجيبة ربما أكثر من السابق على اجتياح الأجساد.
إذا.. علينا أن نتريث قليلا ونؤجل لقاء الأصدقاء والأحباب وتبادل الأحاديث والضحكات الطفولية، فقط علينا البقاء داخل منازلنا بعيدا عن مخاطر هذا الفيروس.