حاورته : خلود الفزارية – جريدة عمان
الاطلاع بالموروث العماني المتنوع يمهد للصورة قبل أن ترى النور
الإنجاز الأقرب لقلبه هو اختيار أغلب صوره في العملات الورقية المحلية لسلطنة عمان
تنوعت صوره بتعدد العادات لكل ولاية زارها واقتنصت عدسته تسجيل لحظتها، فتطرق في تجواله بين قرى سلطنة عمان ومدنها إلى استخدامات الأهالي في تراثهم كالمحلب والكحل والوصلة وشواء العيد، ووثق لباسهم كالدشداشة الصورية والمصر الظفاري والأزياء العمانية لكل منطقة زارها، أو حرفهم كالصيد في مختلف السواحل، وحصاد اللبان واستخراج حليب البقر وتجربة التبسيل، وزراعة البن والورد ومختلف الخضار والفاكهة التي تضمها كل ولاية والزراعة المطرية أو الرقصات الشعبية كفن البرعة والمالد، أو عرضة الخيل، وغيرها من الصور المتنوعة المتشربة بالرائحة العمانية.
ناهيك عن المشاهد الطبيعية الخلابة التي تزخر بها سلطنة عمان، وما تضم من حيوانات، ومشاهد غروب الشمس والضباب والرمال، وتغطية الأنواء المناخية والأحداث التي يعايشها الناس كتجربة كورونا كوفيد-19.
وتوج مسيرته بانضمامه إلى أسرة “ناشيونال جيوغرافيك” ليكون أول مصور عماني ينضم إلى هذه الوكالة التي اختارته ليكون أحد طاقمها في التصوير لما شهدته مسيرته في التصوير، من تنوع وزخم واحترافية، حيث حصل على أكثر من ثلاثمائة إنجاز دولي، وشارك في أكثر من مائتي معرض سواء كان دوليًا أو محليًا، كما شارك في العديد من الملتقيات والمهرجانات الدولية سواء في الصين والسعودية وتركيا وإيران والبحرين، ويبقى الإنجاز الأهم هو اختيار صوره لتزين العملات المحلية في سلطنة عمان.
(عمان) حاورت هيثم الفارسي ليعرفنا على أبرز أعماله وكيف يستلهم أفكارها بالإضافة إلى ما شهدته مسيرته من قصص خلف كل رحلة وصورة ومغامرات.
- التراث العماني، والشخوص التي تتألق بالموروث تميز الصور الحية، فنلاحظ الطفل والكهل والفتاة والمرأة والعجوز ملتحفين بالأزياء التراثية محفوفين بما يميز كل منطقة من موروث. هل يمكن أن تحدثنا كيف يمكنك اقتناص كل هذه اللحظات المعبرة؟
لتخرج لقطات جميلة يجب أن تشعر بالموضوع وترتبط به كشخص، وأنا مرتبط كثيرًا بالتراث العماني وأعرف اللقطات المميزة والنادرة أو اللقطة التي يجب أن أقتنصها، فالاطلاع بالموروث العماني والاختلاط بالناس يجعلني متقدما خطوة عن اللحظة، وبالتالي أعرف ما سيحدث، وأكون متأهبًا لتلك الالتقاطة.
- نجد الموروث حاضرًا في صورك، كتصوير القهوة العمانية في المجالس وعند كبار السن وفي المناسبات التقليدية، فماذا يميز هذا اللون من التصوير؟
هذا لا يميز التصوير فقط، وإنما يميز سلطنة عمان بشكل عام؛ لأن سلطنة عمان مميزة ولها حضور مميز وخاص وأصيل في الموروث. وما يتواجد من موروثات كله ملهم لنا.
- ما المناسبات الأوفر حظًا في جذب لوحاتك الصورية؟
أنا متخصص بتوثيق الثقافة العمانية والتصوير الوثائقي، وأصور في مواسم مختلفة، كموسم الإبل وعرضات الخيل وعرضات الإبل والخريف، وربما الأمر الأساسي هو أنني متخصص بالتصوير في سلطنة عمان، وهذا يجعلني الأوفر حظًا لكوني عمانيًا.
- من خلال صورك التي تعرضها، نجد البحر والسهل والرمال والضباب والسحاب والطيور والجبال وغيرها من ربوع عمان، ما هي رسالتك من خلال هذه الصور؟
سلطنة عمان جميلة في كل وقت وفي كل مكان وتتميز باختلاف التضاريس والأجواء سواء ببحرها أو صحرائها أو عشبها الأخضر، أو جبالها وسهولها، وجوها أكان صافيًا أم مشمسًا أم ماطرًا. سلطنة عمان جميلة في كل تفاصيلها وفي كل مكان.
- في كل مدينة تزورها تضع بصمتك، فهل تقصد هذه المدن لتصويرها، أم أنها تأتي بمحض الصدفة؟
أنا أقصد كل مدينة أقوم بزيارتها، أخطط لها ولدي خطة لتصوير كل ولايات سلطنة عمان، وتمكنت من تغطية نسبة كبيرة من معالم الولايات مترامية الأطراف، وأستطيع القول إنني قمت بتغطية 99 بالمائة من ولايات السلطنة.
- ما الأجواء التي تختارها لتصور فيها، وهل هناك فصل معين يمكن أن نطلق عليه “موسم التصوير” لديك؟
أصور في كل الفصول من بداية السنة إلى نهاية السنة في أي شيء وأصور في كل الظروف.
- ما أكثر ما يلفتك من صور الطبيعة، وهل تواجه تحديات أثناء التقاط الصور؟
أكثر ما يلفتني الألوان وخاصة أن الطبيعة في سلطنة عمان مميزة.
وتوجد تحديات كثيرة كالطقس والوقت والمسافات ولكن لا يوجد شيء محدد يعيق التصوير. تختلف التحديات بحسب المكان.
- ماذا تستخدم من إمكانيات التصوير في التقاط المناظر الطبيعية، خاصة إن كنت تقدم صورة لمعلم أو مدينة؟
في أغلب التصوير نستخدم كاميرات متقدمة، ونستعمل فيها مختلف العدسات سواء أكانت عدسات واسعة أو عدسات الزوم بحسب نوع التصوير.
- ما الإنجاز الذي تفخر بتقديمه في مجال التصوير؟
مع كل مشاركاتي الدولية والمحلية يبقى الإنجاز الشخصي بأنني تشرفت بتصوير معظم صور العملة في الطبعة الأخيرة فقد كانت من تصويري.
- وقوفًا على ذكريات عصيبة مررنا بها أثناء جائحة كورونا كوفيد-19 سجلت حضورك بتوثيق تكريم الموتى وصورت المستشفيات وساعات الحظر ووقوف الدوريات، هل يمكن أن تحدثنا عن مشروعك الفوتوغرافي “رحيل بلا وداع”.. أخبرنا عن هذه اللوحة التي تزامنت مع جائحة كورونا والمعاناة التي أحدثتها بين البشر، وكيف استلهمت فكرتها ونفذتها؟
الشرارة التي أخرجت الفكرة كانت صورة تجسد الطريقة التي يتم بها تكريم المتوفين بفيروس كورونا كوفيد-19 في سلطنة عمان. بدأت أسأل عن الطريقة التي يتم فيها ذلك إضافة إلى البروتوكول العماني المتبع في تكريم الموتى، وحصلت على المعلومة الصحيحة وأخذت التصاريح وبدأت بالتصوير. وكانت الصور مؤثرة، وتنفيذها كان صعبًا. تخيل أن تصور أناسًا متوفين حولهم أعداد محدودة من العائلة في تلك الفترة التي كان بها التشديد على الخروج والتواجد مع المصابين الذي يحضرون الجنازة فضلا عن الأحزان والمشاعر كانت حزينة.
- هناك بعض الصور من مجموعتك لزنجبار، فماذا لفتك فيها، وما الذي استهدفته “كاميرتك”؟
صوري لزنجبار كانت ضمن رحلة فوتوغرافية، وكانت عملا تطوعيا لجمعية الاستقامة العالمية العمانية، وحتى بزيارتي لزنجبار شعرت بالتأثير العماني هناك وكأني في أحد أحياء سلطنة عمان، شعرت بأني في مطرح أو الداخلية وفي إحدى الردهات وجدت بأني في الشرقية ما يجعلك تشعر بروح سلطنة عمان لا تزال في زنجبار. حتى بيت العجائب وغيرها من التفاصيل كالأبواب واللباس، والحلوى العمانية وتفاصيل أخرى كثيرة هناك تشدنا كعمانيين.