محمد بن عيسى البلوشي
ربما كانت المسافة قريبة وأنا أكتب حروف هذه المقالة ما بين رأس الميل بولاية صور وقلعتي الجلالي والميراني بمسقط العامرة التي يقف قصر علمها العامر شامخا بتاريخه العريق. هذه المسافة التي قربتها جائزة بلعرب للتصميم العمراني وهي تعلن عن إشراقه شمسها المتجدد بإعلانها المبارك الكريم بأن “مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه بارك هذه الجائزة منذ انطلاقتها الأولى، وشرفها هذه الدورة أن تتبنى تصميم مشروع متحف عُمان البحري”، جعلت حلم بلادنا العزيزة وأبناء صور العفية في إيجاد متحف عصري يحفظ تاريخ سلطنتنا الحبيبة البحري العريق أقرب إلى التحقيق.
لا شك أن المتاحف هي واحدة من الأبواب العصرية التي يطرقها الزوار عبر بوابة السياحة في العالم، فالشعوب تعتز بتاريخها وتحرص أن تبرز ذلك في أفضل الأماكن لتعكس معها أهمية هذا التاريخ الذي يعكس تطورها ونموها وازدهارها. ونحن نعتز بتاريخ بلادنا الملاحي البحري وأدوار سفننا العمانية التي أرست “الباورة” في مرافئ العالم ما بين مشرقها ومغربها وصولا إلى ساحل أفريقيا جنوبا تنشر التجارة والعلم والسلام، وحمت سفن أسطولنا البحري العتيد مسارات البحار العالية والموانئ والعواصم والمدن، وكأنني أرى هذا الدور جليا اليوم في جزر “سلامة وبناتها” وهي تحرص أهم مضيق في العالم “هرمز”.
إن جائزة سيدي صاحب السمو السيد بلعرب بن هيثم بن طارق للتصميم العمراني جاء منسجما مع مرئيات وتطلعات بلادنا نحو عمان 2040 في تعزيز الإسهام الفاعل بتطوير محافظاتنا المليئة بأسرار جغرافية وتاريخية وهوية حضارية عريقة و مقومات وإمكانات سياحية واقتصادية رائدة، وإبرازها في طابع معماري حصيف يجمع معه ما تتميز به المشاريع المستهدفة من أصالة المكان والتاريخ، واحتياج الإنسان في عصره وحاضرة، مستثمرا كافة المقومات المكانية والجغرافية التي حباها الله بلادنا العزيزة.
ستسهم جائزة بلعرب للتصميم العمراني في إبراز الأفكار المبتكرة لمشروع متحف عُمان البحري الذي تنوي حكومتنا تنفيذه في أهم موقع سياحي بولاية صور، لتكون أيقونة عصرية حديثة للمتاحف المتخصصة في العالم، تحرسها منارة رأس الميل “العيجة” والتي كانت ولا زالت دليلا ترشد الربابنة إلى مرافئ الخير. فقناة سي إن إن بالعربي نشرت تقريرا تقول فيه “قام البرتغاليون ببناء منارة العيجة المعروفة أيضاً باسم “برج رأس الميل” التي تعتبر من أقدم المنارات البحرية في سلطنة عمان، وقد كانت في الأساس برج حماية حُول فيما بعد إلى منارة استخدمت لتوجيه سفن الداو التقليدية للوصول بأمان إلى بحيرة صور، وفقاً لموقع اكتشف عُمان”.
إن جميع المصممين مدعوون اليوم إلى اقتناص هذه الفرصة الفريدة من نوعها والمشاركة بأفكارهم وإبداعاتهم في تصميم أيقونة عصرية حديثة لن تكون لها مثيل في العالم “متحف عمان البحري” ، تجاور “بيبي مريم” وتاريخ مدينة قلهات العظيمة بتفاصيل من سكنوا فيها ومن مروا عليها، وهم “المصممون” محظوظون بأنهم سينالون شرف السابق إلى التصميم الأفضل والأجمل الذي سينال جائزة بلعرب وهي أول وأرفع جائزة للتصميم العمراني، ونيل فرصة التنفيذ للتصميم الفائز.
بكل تأكيد أن تنفيذ التصميم الفائز لمشروع متحف عمان البحري سيفتح أبوابا اقتصادية وتجارية واستثمارية متعددة أمام أصحاب الهمم من الشباب الراغبين في فتح مشاريع صغيرة ومتوسطة ويوفر لهم فرصة عمل متجددة، إلى جانب دور المتحف الثقافي والإجتماعي والإنساني والتاريخي المهم. ونحن نتشوق بأن يرى هذا المشروع النور في القريب العاجل وننعم بثمار المشاريع الوطنية التي ستضفي المشاريع النوعية إلى ولاية صور العفية.
شؤون عمانية