صور عبدالله بن محمد باعلوي
تصوير حمود الهادي
بدأت بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية اليوم الندوة العلمية حول الشاعر سعيد بن عبدالله ولد وزير الفارسي بعنوان (قراءات في فكر الشاعر ولد وزير ) والتي تنظمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بالمنتدى الأدبي على مدى يومين بقاعة المشارق بولاية صور حيث رعى افتتاح الندوة سعادة الشيخ الدكتور هلال بن علي الحبسي والي صور وبحضور سعادة طالب بن خميس البلوشي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية صور والمسؤولين والمهتمين بالشعر والأدب والتراث والثقافة
كلمة الوزارة
والقى ناصر بن سالم الصوافي مدير عام مساعد بالمنتدى الأدبي كلمة وزارة الثقافة والرياضة والشباب قال فيها إن ما قدمته الحضارة العمانية في شتى صنوف المعرفة، هو إضافة مهمة إلى علوم الإنسانية جمعاء، وإن الحديث عن سير القادة والعلماء العمانيين هو حديث عن نتاج فكري، ساهم في إثراء المعرفة العالمية وتنوع إبداعها، لذا فإنه لا غرو أن تُدرج المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو العديد من الشخصيات العمانية ضمن برنامج الاحتفاء بالشخصيات والأحداث التاريخية، فهو تقدير عالمي لمكانة العماني وعطائه، وانعكاس للجهود المبذولة في هذا الشأن، في ظل نهضة عمان المتجددة التي يقودها مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه- لذا كان لزاماً علينا أن نسلط الضوء على ذلك المنجز الفكري والحضاري لأعلام عمان، بهدف توثيقه وتقديمه للعالم، وتعريف النشء من أبناء هذا الوطن بما خطه أسلافهم وما قدموه للبشرية، ليحذو حذوهم في البناء والعطاء، وليكونوا خير خلف لخير سلف.
وأضاف ونستحضر اليوم تجربة فريدة، إنها تجربة الشاعر والإمام والخطيب، والناصح والمصلح الاجتماعي، وأحد أبرز شعراء الشعر الشعبي العماني، ولد وزير/ سعيد بن عبدالله بن وزير الفارسي، من أبناء هذه الولاية العريقة، صور التاريخ والحضارة والأمجاد البحرية، مسقط رأس الشاعر ومنهل موهبته الأول، التي صقلتها العديد من التجارب، من نشأته في بيئة أدبية، وحفظه للقرآن الكريم، وأسفاره الداخلية والخارجية، واطلاعه على الأحداث السياسية والقومية، الأمر الذي انعكس على تجربته الشعرية، وكانت عمان بإرثها الثقافي حاضرة في أشعاره، فكتب في الرزحة والميدان والتغرود وغيرها. وتأتي هذه الندوة لتوثق هذا العطاء، ولتقف على تفاصيل هذه التجربة الفريدة، من خلال مشاركة باحثين متخصصين سيضيئون جوانب من تجربة هذا الشاعر سيرة ومسيرة.
بعدها تابع الحضور عرض مرئي عن الشاعر ولد وزير وجلسة حوارية ادارها الاعلامي عوض بن سعيد المديلوي وشارك فيها كل من الشاعر الشعبي سبيت بن علي العريمي الذي رافق الشاعر المرحوم سعيد ود وزير خلال مسيرته الشعرية وياسر بن عبدالله ود وزير الفارسي حفيد الشاعر سعيد تناولت الجلسة سيرته وعلاقته الأسرية ومع محيطة وعدد من قصائده الشعرية ثم قام سعادته بتكريم الباحثين المشاركين كما تم تقديم درع تذكاري للمرحوم الشاعر سعيد ولد زير استلمه حفيده ياسر ود وزير ثم قدمت هدية تذكارية لسعادة الشيخ الدكتور والي صور
الجلسة العلمية الأولى
بعدها بدأت الجلسة العلمية الأولى من الندوة والتي أدارها الدكتور ناصر بن سعيد العتيقي وتضمنت ثلاث اوراق علمية حيث تناولت الورقة العلمية الأولى عنوان الشاعر ولد وزير النشأة والتكوين قدمها الدكتور محمد بن حمد العريمي الباحث في التاريخ أشار فيها بان سلطنة عمان تتميز بإرث حضاري كبير ومتميز يشمل جوانب مادية ومعنوية مختلفة، تكونت على مدى سنوات طويلة من العطاء الحضاري المتدفق، وتمثلت شخوصها في مئات المخطوطات والكتب والأسفار وأنواع الفلكلور والفنون المختلفة، إضافة إلى الشواهد المعمارية والهندسية المختلفة من قلاع وحصون، وأبراج، وأفلاج، وغيرها ويعد الشعر الشعبي أحد أبرز مكونات الإرث الثقافي العماني الذي يتضمن كذلك الحكايات الشعبية والأهازيج وفنون الرقص والغناء والألفاظ والأمثلة الشعبية، وقد برزت العديد من الأسماء الشعرية التي كان لها تأثيرها البارز على الحياة الفكرية والاجتماعية في المجتمع العماني على امتداد عقود طويلة، ومازال الكثيرون يتداولون أشعارهم وقصصهم المختلفة التي ارتبطت كذلك بعدد من الفنون الشعرية المختلفة ويعتبر الشاعر سعيد بن عبد الله ولد وزير الفارسي أحد أبرز الشعراء الشعبيين في المئة سنة الأخيرة في تاريخ سلطنة عمان، وتعد تجربته الشعرية الغزيرة بكل محاورها المختلفة نموذجاً ثرياً للدراسة والتوثيق من قبل القائمين والمهتمين بالشعر الشعبي في السلطنة.
وركز الدكتور في ورقته جانب من سيرة الشاعر ولد زير وما يتعلق بنشأته والعوامل التي أثرت على تكوينه الأدبي حيث ولد الشاعر سعيد بن عبد الله بن وزير الفارسي في حارة (المصفية بالقرب من المسجد الجامع الكبير بولاية صور في سنة 1332هـ بحسب ما يذكر الشاعر في مذكراته التي كتبها.
البنية والأسلوب في شعر ولد وزير
فيما تناولت الورقة العلمية الثانية البنية والأسلوب في شعر ولد وزير قدمها الدكتور الشاعر علي بن سالم الحارثي أكد من خلالها بان الشاعر سعيد بن عبد الله الفارسي، والمعروف ب ود وزير) يُعد أحد أهم الشعراء العمانيين الذين برعوا في تقديم الشعر الشعبي العماني بأسلوب بسيط وأصيل يلامس حياة الناس ويعبر عن مشاعرهم بصدق وعفوية، وقد تميزت البنية الإبداعية لنصوصه الشعرية بأنها قدمت مزيجا فريدا بين المشاعر المجردة والمواقف الواقعية فجاءت معبرة عن مشاعر إنسانية مشتركة تجذب إليها القارئ وتجعله يشعر بأن قصة النص هي قصته وما تفصح عنه من مشاعر هي مشاعرة، محولا بذلك شعره الذاتي إلى تجربة حسية لمجتمع بأكمله وهذا ما أكسب قصائده القوة والانتشار وجعلها حية ومتداولة ومضربا للأمثال في كثير من المواقف اليومية وقد اعتنى الشاعر ود وزير بلغته الشعرية عناية فائقة فجاءت رغم بساطة ألفاظها وسهولة معانيها متينة في دلالتها عميقة في تأثيرها وغنية في مضمونها مبتعدا عن التعقيد والزخرفة جاءت نصوصه محلية المعجم محكمة البناء شكلا وموضوعا، كاشفة عن شخصية تمتلك ثقافة واسعة وعلم بقواعد اللغة وأصول الفقه، شخصية وطنية فخورة بانتماءاتها القبلية معتزة بهويتها الثقافية، ولكنها في نفس الوقت تحمل التقدير للآخر ومنفتحة على القضايا الإنسانية المحلية والعالمية.
وأشار الدكتور علي الحارثي في ورقته بان بنية القصيدة لدى الشاعر ود وزير إيقاعية غنائية رغم محافظتها على جذورها التاريخية على مستوى الشكل، وقد منحت الظواهر الموسيقية المتمثلة في السجع والطباق والتكرار والتناص مع القرآن الكريم والأمثال الشعبية وغيرها من تقنيات الموسيقى الداخلية التي عمل الشاعر على توظيفها الحياة للكثير من المواضيع الجامدة التي ناقشتها بعض النصوص، وهذه الخاصية الموسيقية ليست بغريبة على شاعر فنون تقليدية بارع فيما إن بنية الشعر وأسلوبه عند ود وزير تجعلنا بكل تجرد ومصداقية نطلق عليه لقب شاعر المكان والزمان، فقد عبرت قصائده عن المكان الذي يعيش فيه وخصوصية اللحظة الزمنية التي يكتب فيها بطريقة دقيقة يمكن للقارئ من خلالها أن يرسم صورة ذهنية عن ما عبر عنه الشاعر ولو اختلف زمانه ومكانه فبالرغم من تعدد أسفار الشاعر ود وزير وكثرة ارتحاله ظل مرتبطا بجذوره الثقافية وبيئته الاجتماعية والتاريخية، وظل مخلصًا لعنصري المكان والزمان في بنية قصيدته في معظم نصوصه مهما اختلفت مواضيعها ومناسباتها متقمصا دور الوثائقي الحريص على إضفاء المصداقية على وثيقته من خلال ربط الأحداث بسياقها الزماني والمكاني وكأنه أراد لنفسه أن يكون شاهدا على عصره ولنصوصه أن تكون مرجعا للأجيال الحالية والمستقبلية.
توثيق تجربة الشاعر ولد وزير
فيما تطرقت الورقة العلمية الثالثة موضوع دور مركز عمان للموسيقى التقليدية في توثيق تجربة الشاعر ولد وزير قدمها محمد بن خلفان المشرفي أشار فيها بأن الشخصيات الحاملة للتراث من رواد وممارسين تعتبر بذاكرتها الفكرية بمثابة مكتبة متنقلة وهي من أهم الوسائط الفعالة التي ساهمت في الحفاظ على ذلك الإرث الثقافي ونقله إلى الأجيال المتعاقبة، اذ يعتبر المؤدون للفنون عن طريق توارثهم للفن بأصوله العريقة وكما هي معلمون لكل جيل، فيهم تنتقل الموروثات بشكلها الذي بنيت عليه وبتفاصيلها الأصيلة ولقد أثرت تلك الشخصيات في تشكيل وتوجيه مسارات التطور الموسيقى، كما انها وطدت علاقة كل فن بتفاصيله الأصيلة بمنح الفنون طابعها المتكامل ونقلها بالصورة المطلوبة كفنون تراثية اصيلة كما إن نقل الموسيقى التقليدية بشكل شفهي من خلال شخصيات لها باع في الفن التقليدي عزز ديمومة تلك الفنون وحافظ عليها واسهم في إثراء الثقافة والفنون التقليدية وضمن استمراريتها.
وأضاف وهناك شخصيات لها بصمة (تحليل) عام للشخصية من خلال المفردة الشعرية للشاعر ( ولد وزير ) والبعض من الشعراء والخصائص النفسية التي لمسها الباحث من التوظيف الشعري من خلال المساجلات بين الشعراء بحثاً في اللكنات وتفكراً في أبعاد تلك المحاورات كثقافة دينية واتساع الاطلاع الثقافي عند شعرائها ويعد التراث الموسيقي العماني سجلاً زاخراً من الروايات والأحداث الاجتماعية اليومية، وذلك من خلال ما تضمنته أنماطه الموسيقية من قصص سردتها القصائد المغناة أو من خلال العمق الفضائي لتلك الفنون في الأداء الحركي ومعاصرة تلك الأحداث والتفاعل معها من أكثر المؤثرات التي انجبت الاندماج الوجداني بين الفرد ومجتمعه فخرج مسخراً مواهبه لخدمة الحدث ووصفه بحيث أن التفاعل بين الموسيقى التقليدية والمجتمع تفعل حيوي جدا والفنانون العريقون مساهمون في تعزيز الهوية الثقافية من خلال ممارستهم وحفظهم للموسيقى التقليدية الشعبية والاعلام التي خلفت تاريخا من المشاركات الموثقة في الفنون التقليدية العمانية هم فئة تستحق حفظ تاريخها في صفحات لكونهم كنز الموروث الشعبي وقد أوصى المشرفي في ورقته إلى وجوبية جمع الأسماء التي أسهمت في حفظ الموروثات الشعبية في معجم واحد ليكون في متناول المهتمين والباحثين
فعاليات اليوم
هذا وسوف تختتم اليوم فعاليات الندوة بخمسة اوراق علمية ويديرها الشاعر عبد الله بن محمد العريمي فالورقة العلمية الاولى بعنوان الميدان في شعر ولد وزير ستقدمها الدكتورة الشاعرة سعيدة بنت خاطر الفارسية فيما ستتضمن الورقة العلمية الثانية عنوان حضور البحر وتجلياته في شعر ولد وزير سيقدمها الدكتور سالم بن سعيد العريمي والورقة العلمية الثالثة بعنوان الصورة والايقاع في شعر ولد وزير سيقدمها طاهر بن خميس العميري اما الورقة العلمية الرابعة بعنوان قراءة تحليلية في نصوص فن الرزحة في شعر ولد وزير سيقدمها الشاعر عوض بن درويش العلوي فيما تتضمن الورقة العلمية الخامسة عنوان من الشخصيات المؤثرة في تاريخ الموسيقى التقليدية في سلطنة عمان تقدمها هدى بنت خلفان الحراصية