شهدت جلستا بمشاركة نخبة من الباحثين والمهتمين بمجال الأدب والشعر الشعبي
صور عبدالله بن محمد باعلوي
تصوير حمود الهادي
أختتمت بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية اليوم الثلاثاء فعاليات الندوة العلمية حول الشاعر سعيد بن عبدالله ولد وزير الفارسي بعنوان (قراءات في فكر الشاعر ولد وزير ) والتي تنظمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بالمنتدى الأدبي على مدى يومين بقاعة المشارق بولاية صور حيث شهدت اليوم الختامي على الجلسة الثانية للندوة والتي ادارها الشاعر عبدالله بن محمد العريمي وقد قدمت الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسية ورقة عمل بعنوان الميدان في شعر ولد وزير تطرقت من خلالها حول التعريف بفن الميدان وهيكل البناء الشعري للميدان ووزن الميزان الشعري، وإيقاعه الموسيقي موضحة بان الميزان سيد الفنون الشعبية وابن البلاغة العربية ولماذا يحرص الشعراء لانتمائهم للميدان وإن ود وزير شاعر الميدان المحظوظ وله مساجلات في الميدان مع غيره من الشعراء مع حافظ المسكري ومع سويري راشد بن سلوم ومع يوسف ود عبيد الفارسي ومع صديقه حمد بن علي الغافري ومع سبيت ود حمدان العريمي ومع عبدالله الصايغ الفارسي كما تطرقت إلى أنواع الميدان وتعريفاتهم عند ود وزير والمربوع والمثمون والقصائد الطويلة خاصة الإخوانية وكيفية بناء كل من الأنواع السابقة لدى الشاعر ود وزير مقدمة بعض نماذج من أشعار ود وزير في الميدان.
فيما قدم الدكتور سالم بن سعيد العريمي ورقة عمل بعنوان حضور البحر وتجلياته في شعر ولد وزیر وقال بان البحر في أدب سعيد ود وزير يمثل موضوعًا أثيرا وثيمة أساسية في شعره، ولأن البحر كان وما يزال عالما متسعا ومنطلقا فسيحا للترحال والسفر واكتشاف المجهول، فقد كان الشاعر مشاركا هو وأقرانه ومجايلوه في ركوب البحر مكتشفا لعوالمه عابرا الآفاقه الفسيحة مجربا كل قضية يمر بها من يسكن قرب البحر ويحتم عليه الواقع الحياتي أن يقضي معظم حياته عرض المحيط فيواجه أهواله ورياحه ويسبر أغواره البعيدة ويتنقل بين موانئه القصية فإن ذلك العالم حتما سيتسرب إلى فكره ووعيه ويختلط بعواطفه ومشاعره وأحاسيسه ويمتزج بأدبه وشعره مؤكدا الدكتور في ورقته بأن البحر يمثل مادة خصبة في ثقافة الشاعر وموضوعاته الشعرية المختلفة، وتتشظى في لغته مفردات البحر وثيماته المختلفة ودلالاتها الموحية وإن الشاعر حين يكون بحارا وقبطانا في الوقت ذاته يأخذ منه البحر حياته وراحته وعاطفته ولكنه يمنحه في المقابل نفساً شعريا مؤثرا ومادة أدبية متسعة ولغة ثرية تمتزج بشعريته بحيث يرى القارئ بجلاء تلك العلاقة الوشيجة بين الشاعر والبحر وتمثلات ذلك على أدبه وفنه الشعري.
كما قدم طاهر بن خميس العميري ورقة عمل بعنوان الإيقاع وجمالية الصورة الشعرية في شعر سعيد بن عبدالله ولد وزیر بين بأن الصورة والإيقاع تتشكل موسيقى الشعر وتتشكل دلالاتها وإيحاءاتها وتأخذ مداها الأبعد بما تحدثه من أثر جمالي من خلال جرس ألفاظها واستعاراتها ونهر مجازها الذي يشق طريقه محدثا دهشة تنتج المعنى الذي يتوارى خلف أكماتها وأحراشها وتشكل الصورة ثراء فنيا في القصيدة الشعرية وذلك بما تنتجه من معان دالة إلى جانب مهمتها الجمالية في العمل الإبداعي، وتذهب الصورة مع الخيال والعاطفة جنبا إلى جنب في قدرتها على إحداث الأثر النفسي وفي خلق الحالة الشعورية التي يتمثلها الشاعر لحظة الكتابة كما تتبع العميري في ورقته جمالية الصورة الشعرية بمبانيها الأساسية المجاز والاستعارة، والتشبيه، وجمالية الإيقاع المتمثل في الموسيقى المتولدة عن الوزن والقافية والموسيقى الخارجية إلى جانب الموسيقى الداخلية الخفية الذي يحدثه جرس الألفاظ في قدرتها على نقل الحالة الشعورية إلى جانب المحسنات البديعية التي تشترك في إثراء الموسيقى الداخلية للنص الشعري.
وقدم الشاعر عوض بن درويش العلوي والمهتم بالتراث والشعر الشعبي في ورقة العمل قراءة تحليلية في نصوص فن الرزحة في شعر سعيد ولد وزير بين من خلالها إبداعات الشاعر سعيد بن عبد الله ولد وزير الفارسي في شعر الرزحة خلال الفترة ما بين 1938 – 1990م، وأشهر محاوراته مع شعراء عصره وقصائد النصح والوعظ والإرشاد ونصوص المناسبات ومراسلاته ومحاوراته الفكاهية او الدرامية التي رسمت الصورة الذهنية للشاعر ولغة الحوار التي تميز بها الشاعر كما تناولت القراءة للسمات والمظاهر الشعرية المتمثلة في التكرار في شعره وحسن الاستهلال والحداثة في القوافي والأوزان والطرافة والفكاهة والأسلوب القصصي ودقة الصورة وأثر البيئة.
وقدمت الباحثة هدى بنت خلفان الحراصية ورقة عمل تحت عنوان الشخصيات المؤثرة في تاريخ الموسيقى التقليدية في سلطنة عمان أشارت فيها بأن هناك شخصيات لها بصمة (تحليل) عام للشخصية من خلال المفردة الشعرية للشاعر ( ولد وزير ) والبعض من الشعراء والخصائص النفسية التي لمسها الباحث من التوظيف الشعري من خلال المساجلات بين الشعراء بحثاً في اللكنات وتفكراً في أبعاد تلك المحاورات كثقافة دينية واتساع الاطلاع الثقافي عند شعرائها ويعد التراث الموسيقي العماني سجلاً زاخراً من الروايات والأحداث الاجتماعية اليومية، وذلك من خلال ما تضمنته أنماطه الموسيقية من قصص سردتها القصائد المغناة أو من خلال العمق الفضائي لتلك الفنون في الأداء الحركي ومعاصرة تلك الأحداث والتفاعل معها موصيا في ورقته إلى وجوبية جمع الأسماء التي أسهمت في حفظ الموروثات الشعبية في معجم واحد ليكون في متناول المهتمين والباحثين
وقد الباحث محمد بن خلفان بن محمد المشرفي ورقة عمل حول دور مركز عمان للموسيقى التقليدية في توثيق تجربة الشاعر ولد وزير أشار فيها بأن مركز عُمان للموسيقى التقليدية يعد من أبرز المراكز المتخصصة في توثيق وحفظ التراث الموسيقي العماني المتنوع والغني، حيث يكرس جهوده للحفاظ على هذا التراث ومتابعته ميدانياً في مختلف أرجاء السلطنة وقد تأسس المركز بمسماه الحالي عام 1984م، بعد عام من تنفيذ مشروع جمع وتوثيق الموسيقى التقليدية العمانية تحت مسمى” مركز الفنون الشعبية العمانية”، والذي أطلقته وزارة الإعلام العمانية بتوجيه من المغفور له السلطان قابوس بن سعيد – رحمه الله .. ومنذ ذلك الحين، يقوم المركز بمهمته المتمثلة في أرشفة وتوثيق الأنماط الموسيقية التقليدية المختلفة ويضم أرشيف المركز اليوم مئات الوثائق السمعية والبصرية والصور الفوتوغرافية التي جمعت ميدانياً، وتشمل نماذج من الغناء التقليدي العُماني، كالأشعار والألحان والإيقاعات، وأسماء الممارسين والرواد، ومناسبات الأداء في مختلف ولايات السلطنة ويتم تنفيذ هذا العمل عبر منهجيات علمية دقيقة تشمل التوثيق الصوتي والبصري، وإجراء المقابلات مع أصحاب الخبرات في الموسيقى التقليدية ومن بين أبرز الرموز الذين قام المركز بتوثيق تجربتهم، يأتي سعيد بن عبد الله الفارسي المعروف بـ” ولد وزير .” حيث تم التعرف على تجربته الموسيقية والشعرية من خلال مقابلة تلفزيونية قدمها الأستاذ الدكتور يوسف شوقي مصطفى، أحد أبرز علماء الموسيقى العربية في القرن العشرين وقد تضمنت المقابلة تفاصيل حول بداية ولد وزير ” في الفنون التقليدية العُمانية، وأبرز رواد عصره، إلى جانب دور مركز عُمان للموسيقى التقليدية في توثيق تجربة الشاعر ” ولد وزير.”