مجلة الاستقامه...العدد الاول

Quiet-Sea

New Member
[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...



اخواني واخواتي في الله .... بارك الله لكم في مواضيعكم و ردودكم في هذا القسم الهامة لمن اراد الاجر والثواب...... فزيدوا من جهودكم في هذا القسم لتنالوا الاجر والثواب ان شاء الله ....



اخواني واخواتي في الله ... اود ان اقدم لكم مجلة دينيه تربويه تشمل جميع جوانب الحياة الدينيه والاجتماعيه والنفسيه فامل ان تححق هذه المجلة الهدف والغالية المرجوه من طرحها ويستفيد منها الجميع ان شاء الله ....



المجلة هي عبارة عن سبعة ابواب في الاستقامه وهي :-



الباب الاول :- إسـتـقـامـة الـسـرائـر



الباب الثاني :- الإسـتـقـامـة في الأصـول



الباب الثالث :- الاستقامة في العبادات



الباب الرابع :- الإسـتـقـامـة فـي اجـتـنـاب الـمـعـاصـي



الباب الخامس :- الإسـتـقـامـة فـي الـعـادات



الباب السادس :- الإسـتـقـامـة فـي الـمـعـامـلات



الباب السابع :- الإسـتـقـامـة فـي تـزكـيـة الـنـفـوس



Goodstar.gif




البــــــــــــــــــاب الاول :- الاستقامة في السرائر



النيـــــــــــــــــــــــــــــه



عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلىالله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه:



” إنّ اللّه كَتَب الحَسَنات والسيئات ثُمّ بيَّن ذلك فَمَن هَمّ بِحَسَنَة فَلَم يَعمَلها كَتَبَها اللّه تَبارَكَ وَتَعالى عندَهُ حَسَنَة كاملة ، وإن هَمّ بها فَعَملها كَتبها اللّه عشر حَسَنات إلى سبعمائة ضِعف إلى أضعاف كثيرة ، وإن هَمّ بِسيئة فَلَم يَعملها كتَبَها اللّه تَعالى عنده حَسَنَة كاملة ، وإن هَمّ بها فَعَمِلَها كَتَبَها اللّه سيئَة واحِدة ”



متفق عليه



يبدأ الكثير من كتب الحديث بالحديث المشهور الذي قال عنه بعض أئمة الحديث أنه وصل حد التواتر المعنوي ” إنّما ألأعمال بالنيات وإنّما لكُل إمرئ ما نوى ، فَمَن كانت هِجرَتُهُ إلى اللّه ورسولِه فهِجرتُه إلى اللّه ورسوله ، ومَن كانت هجرتُه لدُنيا يُصيبُها أو إمرأة ينكِحُها فهجرته إلى ما هاجر إليه ”



فالنية أساس العمل ، تقترن النية الصالحة بالعمل القليل فترفعه ليكون من أقرب القربات ، أما النية السيئة فإذا اقترنت بالعمل الصالح الكثير فإنها تحيله إلى هباء منثور. قال تعالى: ” وَقَدِمنا إلى ما عَملوا من عَمَل فَجَعلناهُ هباء منثورا ”



أنظر إلى كرم الله تعالى: ينوي المرء فعل حسنة ثم لا يفعلها فيكتبها الله له حسنة ، فإذا فعلها تضاعفت عشرا أو مائة أو سبعمائة أو أكثر من ذلك إلى ما شاء الله بحسب نيته وإخلاصه.وإن نوى فعل سيئة ثم فعلها ، كتبت له سيئة واحدة لاغير. أما إذا لم يفعلها فإن الله يكتبها له حسنة . ولا تعجب من ذلك فإن ترك السيئة هو حسنة بذاته.



هذا الحديث يذكر المؤمن بأن ينوي فعل الخير في كل لحظة يستطيع ذلك ، فإن إستطاع تنفيذ فعل الخير فبها ونعمت ، وإن لم يستطع فإن الله يجازيه على حسن نيته. وهكذا فإن نية المؤمن خير من عمله لأن ما ينويه من خير أكثر مما يستطيع عمله في وقته المحدود وماله المحدود وقابلياته المحدودة . ولذلك على المرء أن يراقب نيته كما يراقب عمله فإذا ما وجد في نيته قصدا لغير الله وجب عليه تصحيح نيته في ذلك.



وقد يعجب بعض الناس من بركة عمل صالح لفرد ما حيث تتضاعف الفائدة منه وبذلك ينال صاحبه أجرا عظيما ، بينما لايحصل آخر عمل عملا مشابها على مثل تلك النتيجة ، وما ذلك في أغلب الأحيان إلا بتأثير النية الحسنة ، فأول خطوات الإستقامة تصحيح النية لكي تكون خالصة لله تعالى.



والنية الحسنة لا تحيل المعصية خيرا . قيل كان رجل يسرق كل يوم درهما فيشتري به خبزا فيدفعه إلى فقير. فلما إكتشف أمره قال إنه يسرق فيكسب سيئة واحدة فيتصدق فيكسب عشر حسنات ، تمحو إحداهن السيئة فيبقى له تسعا . فهذا الجاهل قد إكتسب سيئة ولم تكتب له أية حسنة ، لأن الصدقة من الحرام غير مقبولة والنية الحسنة هنا لا تجدي نفعا . لكن النية الحسنة في الأمر المباح تحيله عبادة . فالترويح عن النفس بغير نية إذا لم يكن فيه معصية لا إثم ولا ثواب فيه. أما إذا كانت النية في الترويح عن النفس الإستعداد لطاعة الله ، فعند ذلك يصبح الترويح عن النفس عبادة . قال أبو الدرداء إني لأستجم نفسي بشيء من اللهو فيكون ذلك عونا لي على الحق. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: روِّحوا القلوب فإنها إذا كرِهَت عَمِيَت . وفي رواية إذا كلّت عميت أو تعبت.



Goodstar.gif




الباب الثاني :- الإستقامة في الاصول



التمسك بكتاب الله



عن أبي موسى الغافقي قال إن آخر ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ” عَليكُم بِكِتابِ اللّه ، وسَتَرجِعونَ إلى قوم يُحِبّون الحديثَ عنّي ، فمَن قال ما لَم أقُل فلِيتَبَوّأ مَقعَدَهُ مِنَ النارِ، وَمَن حَفِظَ عَنّي شيئا فلِيُحَدّثهُ”ـ

(رواه أحمد)



كان من آخر ما أوصى به رسول الله أصحابه التمسك بكتاب الله تعالى ففيه خبر الأمم السالفة وفيه التحذير من غوائل ما سيقع وفيه حكم ما بيننا وفيه الترغيب والترهيب وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق وفيه الأحكام لكل الأزمنة والأمكنة فهو كلام رب العالمين الذي يعلم ما يصلح للناس في دنياهم وأخراهم . فالقرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي وإليه يرجع المسلمون كلما أشكل عليهم أمر من أمور دنياهم أو أخراهم . والمؤمن ينظر إلى القرآن صاحبا ومؤنسا ، يقرأه على الدوام ويتفكر في عبره وأمثاله ويتعلم فقهه وأحكامه ويطبق أوامره ويجتنب نواهيه وهو باق كما أنزله الله على نبيه لأن الله تعالى تعهد بحفظه: ” إنّا نحنُ نَزَّلنا الذِكرَ وإنّا لَهُ لَحافِظونَ ”



إن من القرآن ما هو واضح المعنى لكل من يفهم اللغة العربية من عامة الناس وعلمائهم . فالمؤمن الذي يتكلم العربية مهما كان مستوى علمه يستطيع أن يفهم من آيات القرآن بعض أحكامها فيطيع الأوامر وينتهي عن النواهي . ومن الآيات ما يجب الرجوع فيه إلى التفاسير المعتمدة وإلى أولي العلم لفهم المعنى أو الأحكام المبنية على تلك الآيات . والمؤمن بالإضافة إلى ذلك يعتني بالقرآن ظاهريا كتطبيق قواعد التجويد عند تلاوته. ويزداد علما فيما يخدم فهم القرآن من علوم اللغة العربية وعلم القراآت . فالقرآن حبل الله الممدود بين الله وعباده ومن أحب الله بصدق ، أحب كتابه وإحترمه إحتراما عميقا يفوق بكثير إحترام أي كتاب آخر ، ثم تظهر آثار هذا الإحترام بشكل عملي واضح على أعماله وتصرفاته وأخلاقه ومعاملته ، وذلك ركن عظيم من أركان الإستقامة في المنهج الذي على المؤمن أن يتخذه ويسير عليه.



Goodstar.gif




الباب الثالث :- الاستقامة في العبادات



المحافظة على الفرائض



عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:



” قال اللّه عز وجَلّ: من أذَلّ لي وليّا إستَحَلّ محارَبتي وما تَقَرّبَ إليّ عَبدي بِمِثلِ أداء الفرائض وما يَزالُ العَبدُ يَتَقَرّبُ إليّ بالنوافِلِ حتّى أحبُّه ، إن سألني أعطيتُهُ وإن دعاني أجبتُهُ ، ما تَرَدَدتُ عن شيء أنا فاعِلُهُ تَرَدُدي عن وفاتِهِ لأنّهُ يكرَهُ الموتَ وأنا أكرَه مساءتَهُ ”



(رواه البخاري في الرقائق وأحمد واللفظ له)



المحافظة على الفرائض رأس مال المؤمن ، ومن ضيع رأس ماله بارت تجارته ، قال محمد بن منازل لم يضيع أحد فريضة إلا إبتلاه الله تعالى بتضييع السنن ، ولم يبل أحد بتضييع السنن إلا أوشك أن يبتلى بالبدع. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ثلاث صاحبهن جواد مقتصد: فرائض الله يقيمها ويتقي السوء ويُقِلّ الغفلة ، وثلاث لاتحقرن خيرا تبتغيه ولا شرا تتقيه ولا يكبرن عليك ذنب أن تستغفره وإياك واللعب فإنك لن تصيب به دنيا ولن تدرك به آخرة ولن ترضي به المليك وإنما خلقت النار لسخطه وإني أحذرك سخط الله عزوجل.



أداء الفرائض أساس القربات عند الله. فالصلوات الخمس في أوقاتها وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلا ، هذه الفرائض ، إذا خلصت فيها النية لله تعالى لا يعدلها عمل آخر يقرب من الله تعالى . أما النوافل فترفع من مكانة العبد عند ربه حتى يصطفيه الله ويجعله من خاصة عباده الصالحين الذين يحبهم ويحبونه. فإن بين الناس من أحب امرؤا أحب أن يفعل ما يدخل السرور إلى نفسه. والله سبحانه إذا أحب عبدا ودعاه ذلك العبد بدعوة يحب أن يستجيبها الله له ، فإن الله يجيب دعاءه. ولكن الله تعالى قد كتب أمورا لا ينفع فيها دعاء داع. فلو طلب شخص من الله أن يخلده في هذه الحياة فلن يستجيب الله لمثل هذا الدعاء لأن مشيئته عز وجل قد سبقت ذلك الدعاء بحدود أجل ذلك الشخص ، فإذا جاء الأجل فلا يتأخر ساعة ولا يتقدم ، والله يكره أن يفعل ما يكرهه حبيبه المؤمن بقبض روحه ، لكنه لا بد فاعل.



إن لكل فريضة من الفرائض ما يشابهها من النوافل لسد النقص فيها ولزيادة التقرب إلى الله تعالى بعبادة تماثل ما فرض. فهناك نوافل من الصلوات وهناك صدقة التطوع فوق الزكاة وهناك العمرة وحج التطوع بعد الفريضة ، فإذا أدّى العبد الفرائض وازداد من النوافل تقرب من الله فيحبه الله ويكون من جملة أولياء الله الصالحين الذين لهم مكانتهم عند الله تعالى من إجابة الدعاء وقبول الشفاعة وحسن الثواب يوم القيامة والدفاع عنهم في الحياة الدنيا . ففي بداية هذا الحديث تهديد من الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لمن يعادي أولياء الله الصالحين . وسنأتي على تفصيل أكثر لذلك في الحديث



Goodstar.gif




الباب الرابع :- الإستقامة في اجتناب المعاصي



إجتناب الآثام



عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن البر والإثم فقال: ” البِّرُ حُسنُ الخُلُق ، والإثمُ ما حاكَ في صَدرِكَ وكَرِهتَ أن يَطَّلِعَ عَليهِ النّاسُ ” .



(رواه مسلم)



إن تعريف الإثم الوارد في هذا الحديث تعريف ينبع من داخل النفس ، لا بحسب فتاوى المفتين أو أهواء أهل ألأهواء. إن من الناس من يقصد هذا العالم أو ذاك المفتي يسأله ويحس بأن ما يطلب الفتوى فيه للشرع جواب معين لا يحبه هو ، فيريد من غيره أن يشجعه على الإثم . فتراه يحاول انتزاع الفتوى من فم غيره تارة بالجدال وتارة بصياغة السؤال بطريقة بحيث يحصل على الجواب الذي يريده. وهذا لا يغني من الحق شيئا ولا يحل حراما ، فالإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس وهو تعريف يستطيع كل شخص أن يميز بواسطته بين الحق والباطل بشرط الصدق مع النفس. كما يدأب بعض الناس على التحايل على الشريعة بفتاوى توافق أهواءهم كما فعل بنو إسرائيل حين منعوا من الصيد في السبت ، فحبسوا السمك وصادوه يوم الأحد وحينما حرمت عليهم أصناف من الأنعام استحلوا شحومها . فمثل هذا التحايل لا يحل حراما ولا يقلل إثما لأن الله تعالى يعلم ما تخفي الصدور.



وبداية المعصية تكون خاطرة عابرة . يقول إبن القيم الجوزية في كتاب الفوائد: دافِعِ الخطرة ، فإن لم تفعل صارت شهوة ، فحاربها ، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمّة ، فإن لم تُدافعها صارت فعلا ، فإن لم تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الإنتقال عنها.



إن المعاصي التي نهى عنها الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم واضحة للمؤمن ، فهو يفر منها ولا يقترب منها . لكن الشيطان لا يدع إبن آدم دون أن يحاول تزيين السيئات له. أما عباد الله المخلصين فهم يقظون على الدوام ، فإذا ما وسوس لهم الشيطان سوءا تذكروا فإذا هم مبصرون ، ” إنّ الّذين اتَّقوا إذا مَسَّهُم طائف مِنَ الشيطانِ تَذَكّروا فإذا هُم مُبصِرونَ ” (2 ، وهذه الوسوسة هي بداية الإثم وهي من الصغائر التي يغفرها الله إن لم يتبعها فعل . فالمؤمن حذر مراقب لنفسه سواء في أقواله أو في أفعاله أو في خواطره. فإذا ما خطر له خاطر سوء ، ذكر الله تعالى وعدل عن فعل المعصية فتكتب له حسنة ، كما مر في الحديث



يجب على المسلم أن يهتم بالإبتعاد عن النواهي التي نهى الله عنها أو نهى عنها رسوله صلىالله عليه وآله وسلم حتى أكثر من إهتمامه بإتباع الأوامر. فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ” فإذا أمَرتُكُم بشيء فأتوا منهُ ما إستَطَعتُم وإذا نَهيتُكُم عن شيء فدَعوهُ ”



Goodstar.gif




الباب الخامس :- الاستقامة في العادات



الصدق



عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:



ـ” إنّ الصِدقَ يَهدي إلى البّر وإنّ البرّ يهدي إلى الجَنّةِ ، وإنّ الرجُلَ ليَصدِقُ حتّى يُكتَبَ عِندَ اللّه صِدّيقا ، وإنّ الكَذِبَ يهدي إلى الفُجورِ وإنّ الفُجورَ يَهدي إلى النّار ، وإنّ الرَجُلَ ليَكذِبُ حتى يُكتَبَ عِندَ اللّهِ كَذابا ” ـ



(متفق عليه)



قال أحمد بن خضرويه: مَن أراد أن يكون مع الله فليلزم الصدق فإن الله تعالى يقول: ” يا أيُّها الذينَ آمَنوا اتَّقوا اللّهَ وكونوا مَعَ الصادقينَ ” . إن أفضل الصدق هو الصدق مع الله في السر والعلن أي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . أما الصدق مع العباد فمنه صدق بالقلب وهو صدق العزم على أداء ما يريد ، وصدق باللسان وهو الإخبار بالشيء على حقيقته ، وصدق بالعمل وهو إيقاع العمل كما يجب . والصادق يوافق قصده قوله و فعله.



الصدق مع الناس يجب أن يكون أساس التعامل . ولا يريد الله أن يبنى المجتمع إلاّ على أساس من الصدق ، فإذا كان ذلك ، عاش الناس في طمأنينة وسعادة . أما إن كان الأساس هو الكذب تعب الناس وشقوا في دنياهم قبل أخراهم . ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصدق حتى أنه نهى عن نقل كلام يعرف الإنسان أنه كذب دون أن ينبه على ذلك وكفى بالمرء كذبا أن ينقل كل ما سمع . وقد مر بنا قوله أن المؤمن يجبل على كل خلق ليس الكذب والخيانة. قال بعض الصالحين: عليك بالصدق حيث تخاف أن يضرك فإنه ينفعك ، ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.



شاع بين الناس أن هناك كذبا أبيضا وكذبا أسود. الكذب بصورة عامة حرام فهو أسود كله. إلاّ أن هناك إستثناءات ضرورية في حالات خاصة ، وهي حالات إختيار أخفّ الضررين . فإذا كان الإثم الذي يقع نتيجة الإخبار بالحقيقة أكبر من الإثم عند عدم ذكرها ، كحالات الصلح بين المتخاصمين الذين يذكر أحدهما الآخر بسوء ، فمن نقل أفضل ما سمع من أحدهما عن الآخر لم يكن كاذبا . كما أن الإخبار بالمعاريض (أي التلميح أوالتمويه) وسيلة لتحاشي الكذب . ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه حينما سأله أعرابي قبيل معركة بدر أنتم ممن؟ فقال: ” نحنُ من ماء ” ، فانصرف الأعرابي وهو يقول من أي ماء؟ أمن ماء العراق؟ بينما كان جواب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشتقا من قوله تعالى: ” واللّهُ خَلَقَ كُلّ دابَّة مِن ماء ” فلم يكذب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يستفد الأعرابي من جوابه شيئا ، وهكذا على المؤمن أن يتخلص من المواقف الصعبة دون أن يخالف الشريعة بالكذب . وكثيرا ما تكون النجاة في الصدق. كان الشيخ محمد الرضواني رحمه الله في مسجده فدخل عليه رجل هاربا ممن يريد أن يبطش به ظلما ، وطلب من الشيخ إجارته ، فأشار إليه أن يلف نفسه بحصير في المسجد. فلما دخل من يطلبه وسأل عنه الشيخ ، تذكر أن النجاة في الصدق وهو موقن بذلك ، فقال له هناك مشيرا إلى الحصير ، فظن الرجل أنه يهزأ به ، فانتهره وخرج ، ونجا الرجل الهارب



إن أحد أصناف البلاء الذي إبتلي به المسلمون اليوم هو الكذب . ففي الوقت الذي ترى فيه أمما أخرى تستند اليوم في معاملاتها بين أفرادها على الصدق ، وتربي أطفالها عليه من نعومة أظفارهم ، بينما المسلمون اليوم ، الذين أمرهم دينهم بالصدق ، ترى الكذب شائعا بينهم بكثرة ، حتى إنك لتجد بينهم اليوم من يفخر به ، بينما كان عرب الجاهلية يستحيون أن يعرفوا بالكذب . فحينما أدخل أبو سفيان بن حرب مع نفر من قومه وكان مشركا عقب صلح الحديبية على هرقل في أرض الشام ، وقد وصله كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما دعاه إلى الإسلام ، فسأل هرقل أبا سفيان جملة أسئلة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يكذب عليه ، وكانت إجاباته كلها مدحا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خشية أن يعرف أمام قومه بالكذب ، فهو خلق ذميم كانت تأبى أنفسهم أن يعرفوا به



Goodstar.gif




الباب السادس :- الإستقامة في المعاملة



أحب للناس ما تحب لنفسك



عن يزيد بن أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” أحبّ للنّاسِ ما تُحِبّ لِنَفسِكَ ”



(رواه البخاري في التأريخ والطبراني والحاكم والبيهقي)



إذا كان مقياس المرء في تعامله مع غيره أن يحب لهم ما يحب لنفسه ، أنمحى الشقاق الذي دوافعه الأنانية وحلت محله المحبة والتعاون والتآلف. هل يريد أن يُطَفَفَ له المكيال؟ فلا يفعل ذلك مع غيره. هل يحب أن يهينه أحد على ملأ من الناس؟ فلا يفعل ذلك مع غيره. هل يحب أن يساعده الناس عند حاجته لهم من مرض أو فقر؟ كذلك يفعل مع غيره. وهكذا تكون أسس الحياة السعيدة له ولغيره. أما من تغلبت عليه أنانيته فهو يرى العالم يعيش في غابة ما يتوفر فيها أقل من حاجة من فيها لذلك فيكون منهجه: قد أفلح من غلب . هذا هو التناقض الواضح في المنهج بين المؤمن الصادق وعبد الدنيا.



والإيثار أعلى درجة من ذلك حين يؤثر المؤمن أخاه على نفسه ، قال الله تعالى في مدح الأنصار: ” يحبّونَ مَن هاجَر إليهم ولايَجِدونَ في صُدورِهِم حاجَة مِمّا أوتوا ويؤثِرونَ عَلى أنفُسِهِم وَلو كانَ بِهِم خصاصة ، ومَن يوقَ شُحَ نَفسِهِ فأولئكَ هُمُ المُفلِحون ” .



إن للمؤمن على المؤمن حقوق وعليه أداؤها . فبالإضافة إلى الحقوق التي تبرز عند الحاجة كتشييع الجنائز والصلاة عليها وعيادة المريض وغير ذلك ، فإن هناك حقوقا دائمة كاحترام النفس والعرض والمال . أما الحقوق المخصوصة بناس معينين: فحق العالم الإجلال والإحترام ، وحق الجاهل التعليم ، وحق الصديق النصح والتسديد ، وحق الأمير الطاعة في غير معصية الله ، وحق الولد الإعالة والتربية ، وحق الزوجين الإحسان بعض لبعض ، وحق الكبير على الصغير الإحترام ، وحق الصغير على الكبير العطف ، وحق الفقير على الغني الصدقة والإقراض... وهكذا . ، وهذه كلها يجب أن يقصدها دون مقابل أو توقع لجزاء منهم . وهو يفرح لفرح أخيه ويحزن لحزنه ، قال ذو النون المصري : من أعلام الأيمان إغتمام القلب بمصائب المسلمين ، وبذل النصح لهم متجرعا ظنونهم ، وإرشادهم إلى مصالحهم وإن جهّلوه وكرهوه.



Goodstar.gif




الباب السابع :- الإستقامة في تزكية النفوس



إتقاء الشبهات



عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنّ الحَلالَ بيِّنٌ وإنّ الحرامَ بيِّنٌ ، وبينَهُما أمورٌ مُشتَبِهاتٌ لا يعلَمُهُنِّ كَثيرٌ مِنَ النّاس ، فَمَن اتَّقى الشُبُهاتِ استَبرأ لِدينِهِ وَعِرضِهِ ومَن وقَعَ في الشُبُهاتِ وَقَعَ في الحَرامِ ، كالراعي حولَ الحِمى يوشِكُ أن يَرتَعَ فيهِ ، ألا وإنّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمى ألا وإنّ حِمى اللّهِ محارِمُه ، ألا وإنّ في الجَسَدِ مُضغَة إذا صلُحَت صَلُحَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، وإذا فسُدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألا وهي القَلبُ



(متفق عليه)



ما أحل الله بيِّن ، وما حرمه كذلك . لكن بين الحلال والحرام أمور لا يعلمها معظم الناس. ولا يمكن أن يعلمها كل الناس ، ومن الصعب عليهم أن يجدوا إتفاقا في الإجابة عليها ، فما العمل؟ لقد أجاب رسول الله على ذلك بأن ترك ما مشكوك فيه هو من صفات الأتقياء الذين يريدون أن لا يقعوا فيما حرم الله تعالى حتى عن غير قصد. ولا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة مما به البأس. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: كُنا على زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ندَعُ تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام . وكان أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: إنّكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر ، كنا نعدها على عهد رسول الله من الموبقات



لقد بلغ من ورع سلف هذه الأمة مخافة الوقوع في الحرام الكثير. فقد رجع عبد الله بن المبارك من مرو إلى الشام لكي يعيد قلما إستعاره من صاحبه. ورهن الإمام أحمد بن حنبل سطلا عند بقال بمكة فلما أراد فكاكه أخرج البقال سطلين وقال خذ أيهما لك فقال ، أحمد أشكل عليّ سطلي فهو لك والدراهم لك ، فقال البقال سطلك هذا وإنما أردت أن أجربك ، فقال لا آخذه ومضى وترك السطل عنده. واشترى إبن سيرين أربعين حبا من السمن فأخرج غلامه فأرة من حب فسأله من أي حب أخرجتها فقال لا أدري فصبها كلها . إن ترك الشبهات يحتاج الى صبر وجلد وهو من صفات المتقين.



Goodstar.gif
[/align]



[align=center]عذرا علئ الاطالة ....



تحياتي لكم اخوكم في الله



Quiet-Sea[/align]
 

دهن عود

New Member
بسم الله الرحمن الرحيم



[align=center]وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،



بارك الله فيك اخي Quiet-Sea،،



انها مجلة تحمل في طياتها الخير الكثير،،



مجلة حروفها توزن بالذهب،،



مجلة كلماتها تحمل الحكم،،



جزاك الله الخير على هذا الموضوع،،



وأسأل الله ان يبارك فيك وفي جهودك،،

وجعلك ذخراً لاخوانك واخواتك،،



تحياتي،،[/align]
 
أعلى