مبارك بهوان: السنوات القادمة من عمر النهضة تحمل المزيد من المفاجآت السعيدة لأهل عمان
الشيخ مبارك بن جمعة بهوان المخيني من رجال الأعمال المعروفين، أنشأ أعماله وطورها بعصامية مشهودة ..
وفي شهادته على النهضة يروي الشيخ مبارك مراحل مفصلية في مسيرة التطور والازدهار التي شهدتها السلطنة، متطرقا في سياق المقارنة إلى ما كان عليه الحال قبل النهضة من أوضاع اقتصادية صعبة ..
ويقف طويلا عند انبثاق فجر النهضة، ويصف تلك اللحظة بأنها "الأهم في تاريخ عمان و حياة الشعب العماني بأكمله، لحظة غيرّت لون الحياة من السواد الحالك إلى نور يضئ البلاد، ويضعها على أعتاب التحول إلى التطور والازدهار والتحديث في كافة المجالات لمواكبة العصر " .
ويرى الشيخ مبارك أن السنوات القادمة من عمر النهضة ستحمل المزيد من المفاجآت السعيدة لأهل عمان انطلاقا من الرؤية السديدة لباني نهضة عمان حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، الكفيلة بتحقيق المزيد من التقدّم والازدهار للسلطنة، معتبرا أن المرحلة الحالية للنهضة تؤسس لمراحل قادمة واعدة بالكثير من التقدم والازدهار .
حوار – علي بن صالح العجمي
–
ذكريات الطفولة
بدأ الشيخ مبارك بن جمعة بهوان المخيني شهادته على النهضة باستعادة ذكريات الطفولة التي قضاها في ولاية صور، فحكى عن صعوبة العيش في ذلك الوقت، حيث الفقر المدقع الذي كان يغلف حياة الناس، وبالنسبة لسكان صور تحديداً فقد كانوا يعتمدون على التجارة والتي كانوا يعتمدون فيها على السفر عن طريق البحر، مما جعلهم يواجهون المتاعب والمصاعب والأخطار في عرض البحر أكثر من غيرهم من سكان المناطق الأخرى بالسلطنة.. ولكنهم ومع ذلك تحدوا هذه الأخطار وتغلبوا عليها، ونجحوا مع الزمن في تحويل مشاعر الخوف من البحر إلى صداقة شهد عليها أهل الخليج كافة، إلا أنّ تلك الصداقة كان لها ثمن غالٍ دفعه الأجداد والآباء، حيث قدم سكان صور من أجلها وخلال سنواتها الممتدة عبر الأزمان الغابرة أرواح بريئة ذهبت ثمناً لأوضاع اقتصادية صعبة أجبرّت أهل عمان على ركوب المخاطر من أجل توفير لقمة العيش الكريم لهم ولأسرهم .. يقول الشيخ مبارك: أهل صور هم أكثر الخليجيين سفرا عن طريق البحر، عندما كنا نسافر إلى زنجبار تعلمنا اللغة السواحلية، وكذلك عندما سافرنا إلى الهند، السفر عن طريق البحر ممتع ولكنه متعب وتكتنفه الكثير من الصعوبات، حيث كنا نغيب عن الأهل لمدة تصل إلى الثلاثة أشهر، فالسفر إلى أفريقيا ( زنجبار، ممباسا، تنزانيا، دار السلام ) يستغرق قرابة الـ 20 يوما، أما السفر إلى الهند فكان يستغرق قرابة الشهر عندما كانت السفن تعتمد على الهواء (السفن الشراعية) أما عندما بدأت السفن تعتمد على المحركات في عام 1955 بعد أن تم الترخيص بذلك أصبح السفر إلى الهند يستغرق 5 أيام فقط .
وظل الحال على ذلك ولم يتغيّر إلا باشراقة النهضة المباركة على سماء السلطنة في 23 يوليو من عام 1970 .
صور وصداقة البحر
ويمضي الشيخ مبارك المخيني ساردا حديث الذكريات : كما يعلم الجميع فإن أهل ولاية صور يشتهرون بعلاقتهم المميزة مع البحر، ولذلك فأنا كغيري من أطفال المنطقة الشرقية جمعتني علاقة صداقة مع أمواج البحر .. بدأت بشقاوة الأطفال على شاطئ صور ومداعبتنا الجميلة لرماله الناعمة، وكذلك كنا نحن أطفال المنطقة نجتمع على الشاطئ لكي نودع المسافرين عبر البحر إلى شرق أفريقيا والهند والعراق وبلدان أخرى بغرض التجارة.. ونعيش هذه اللحظات الصعبة مع الرجال الباقين في الولاية، ومع أننا كنا أطفالاً لا تتجاوز أعمار أغلبنا التسع سنوات إلا أننا كنا ندرك أنّ كل رحلة سفر محفوفة بالمخاطر كغيرها من الرحلات السابقة، وقد يقدر للمسافرين عبرها مواجهة الموت ومصارعته مثلما حدث مع الكثيرين منهم.. هذه المخاطر هي التي كانت تجعل من ساعات وأيام الشهور التي تعقب السفر وحتى وصول المسافرين إلى شاطئ صور خليطا من مشاعر الشوق واللهفة والخوف من غدر البحر وجبروته، مروراً بمشاعر السعادة والفرح التي تزين الشاطئ عند عودة المسافرين .
أول رحلة بحرية
ويواصل الشيخ مبارك حديثه معنا ليصل إلى المرحلة التي انتقل فيها من طفل يودع أهله وسكان ولايته عند سفرهم ويستقبلهم مع المستقبلين بالورود والأفراح، إلى مرحلة المسافر الذي يتم توديعه من قبل أهله وأهالي صور العفية، وفي هذا يقول: رغم الأخطار الكبيرة التي كانت تكتنف السفر عبر البحر إلا أنني كنتُ أحلم بالسفر عن طريقه، حتى أساعد الوالد – رحمه الله - وأقف إلى جانبه، هذا الحلم تحقق عندما كان عمري 11 سنة حيث سافرتُ لأول مرة مع الوالد إلى مدينة البصرة في العراق، في سفينة تسمى " فتح المعين" ومن ثم توالت سفرياتي رفقة الوالد في سفينة اسمها " فتح الخير " حيث كنا نجوب البحر إلى الهند وأفريقيا، وقد واجهنا أخطارا كثيرة وعشنا أياما صعبة، فعندما تهطل الأمطار وتكثر الرياح وتعلو الأمواج يصبح الموت قريباً منك، ولم يكن ينجينا من هذه الأخطار غير توكلنا على