ضمن برنامج “من أعلامنا” النادي الثقافي يحتفي بالعلامة الشيخ بن مبارك بن جويد الغيلاني الملقب بسعيد الصوري
الندوة شهدت سبع أوراق عمل تناولت فكر وحياة الشيخ وخدمته للعلم والمجتمع من النشأة والتكوين ومسارات الحياة والعلاقات العلمية والاجتماعية والإنتاج العلمي والفقهي والأدبي ومخطوطاته ووثائقه
صور عبدالله بن محمد باعلوي
نضم النادي الثقافي يوم أمس ندوة إحتفائية بالعلامة الشيخ سعيد بن مبارك بن جويد الغيلاني والذي عرف باسم سعيد الصوري وذلك بالقاعة الملكية بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية حيث تأتي الندوة ضمن سلسلة الندوات التي ينظمها النادي الثقافي وضمن برنامج “من أعلامنا” للاحتفاء بالفكر العماني وتسليط الضوء على السيرة الحياتية للأعلام العمانيين ومنهم العلامة الفقيه سعيد الصوري بغية الوصول إلى مكامن التراث الذي خلدته هذه الشخصية العمانية المؤثرة أسوة بنظرائها في الثقافة العمانية حيث تعد مسيرة حياة سعيد بن مبارك بن جويد الغيلاني حافلة بالإنتاج الفقهي والأدبي وقد تناولت محاور الندوة والتي شارك في تقديمها نخبة من الباحثين المتخصصين سبعة محاور رئيسية في فكر وحياة هذا الشيخ الجليل وخدمته للعلم والمجتمع من النشأة والتكوين ومسارات الحياة والعلاقات العلمية والاجتماعية والإنتاج العلمي والفقهي والأدبي ومخطوطات سعيد بن مبارك بن جويد الغيلاني ووثائقه.
وألقى الشيخ حمود بن حمد الغيلاني كلمة الافتتاح قال فيها لقد عرفت صور بانها بلد النواخذة وهو تعريف دقيق وصحيح وقد يرى البعض إن هذا المجال هو مجال علمي تطبيقي برع فيه الصوريين ممارسة وعلما إلا أن هناك جوانب أخرى لم تنال الاهتمام بها من حيث البحث والتنقيب فيما أنتجه أبناء هذه الولاية في مجالات علمية ومعرفية اخرى فمن خلال البحث اتضح أن هناك شخصيات عمانية من أبناء الولاية برعت في مجالات علمية اخرى كالعلوم الدينية واللغوية والفلكية ومختلف العلوم الأخرى
واضاف وشخصيتنا اليوم التي نحتفي بها تركت إرثا وأثرا كبيرين في ولاية صور وأمتد تأثيرها ليشمل بلدان خلال فترة تواجده في المملكة العربية السعودية ليشمل عدد من الجنسيات الأخرى التي تتلمذت عليه يدية
بعدها قدم الشاعر غيث بن علي بن جويد الغيلاني قصيدة شعرية بهذه المناسبة ثم تبدأ جلسات الندوة والتي شهدت جلستا عمل حيث تراس الجلسة الأولى الدكتور ناصر بن سعيد العتيقي مقرر اللجنة الرئيسية وتناولت الجلسة ثلاث أوراق عمل تطرقت الورقة الأولى إلى تاريخ حياة الشيخ سعيد الصوري وقدمها الشيخ حمود بن حمد بن جويد الغيلاني الخبير بمديرية الآثار والمتاحف في وزارة التراث والثقافة” حيث هدفت دراسته إلى تقصي حياة الشيخ سعيد الغيلاني والذي عرف بسعيد الصوري مؤكدا بأن شخصية الشيخ الفقيه جديرة بالاهتمام والدراسة نظرا لمسيرته في البحث عن العلم والمعرفة فتنقل بين عمان واليمن وباكستان والمملكة العربية السعودية في طلب العلم حتى اصبح على مستوى من العلم والمعرفة واسند إليه التعلم في المسجد النبوي الشريف وكانت زاويته تعرف بأسم زاوية سعيد الصوري وكانت حياة الشيخ مليئة بالحداث والعبر وتمثل الشخصية في سعيها الدؤوب في طلب العلم ومن ثم العلم في التعليم والتأليف والدعوة حتى هجرته إلى المدين المنورة والذي استمر فيها حتى عام 1969 حيث توفي ودفن في مقبرة البقيع
بينما تحدثت الورقة الثانية عن “الجوانب التربوية في مناهج الشيخ” وقدمها الدكتور خالد بن حمد بن سالم الغيلاني خبير دراسات تربوية وإعلامية في مجلس الشورى بدأ بها قائلا مما أدهشني وأعجبني في آن واحد أن يكون هذا الفقيه العالم من أبناء مدينة صور العمانية هذه المدينة التي يتوجه جل أهلها إلى البحر سواء عملا وكسبا للتجارة أو دراسة لعلومه، وسبر غوره، وفهم كنه التعامل معه، والشيخ رغم نشأته في بيئة بحرية إلا أنه كان موسوعيا في علمه وتبحره في الفقه والعقيدة؛ الأمر الذي أهله لأن يكون أحد علماء المسجد النبوي الشريف المشهود لهم بالقدرة والكفاءة.
واشار في ورقته عددا من المحاور تناولت العوامل التي ساهمت للفقيه العلامة سعيد في طلب العلم دوره التربوي في العملية التعليمية وكتبة المطبوعة والمخطوطة والمناهج التعليمية التي الفها والقيمة العلمية والمنهجية لكتبه حيث أوجد الشيخ علوما لم يألفها أهل صور كعلم التجويد، هذا العلم الذي أدخله الشيخ سعيد وضمنه مناهجه التعليمية استفاد منه الكثير طلبة ومعلمين وأهالي في تعلم أسس وطرق تجويد قراءة القرآن الكريم بصورة صحيحة وأصبحت المناهج الجديدة التي ألفها الشيخ تعتمد على دفع عملية التفكير لدى الطلبة والبحث عن المعلومة ويضاف إلى ذلك ما أعتمده الشيخ من منهج الحوار، من خلال طرح الأسئلة القصيرة والمباشرة، والحقها بإجابات قصيرة، مع وجود التفسيرات الأكثر توسعاً في الهامش مما يزيد من الجرعة المعرفية، فهي للطالب المتفوق ترتقي بمعلوماته وترفع من تحصيله، وبالنسبة للطلبة الآخرين تعينهم على فهم ما يراد بصورة أسهل، وهو هنا يراعي الفروق الفردية بين الطلبة.
وتطرقت الورقة الثالثة حول عنوان “المدرسة الدينية الصورية”، وقدمها الدكتور محمد بن حمد العريمي الحاصل على الدكتوراه في فلسفة التربية تخصص مناهج وطرق تدريس التاريخ تناول فيها التعريف بالشيخ سعيد بن مبارك بن جويد الغيلاني، وجهوده العلمية المتعددة ومن بينها تأسيس المدرسة الصورية في الخمسينات بعد أغلاق مدرسة دار الفلاح وذلك من حيث كيفية تأسيسها ورؤيته لها حيث كان يطمح من خلالها إلى بناء جيل صالح من أبناء صور ومن يلتحق بها من غيرهم ومتسلح بالعلم النافع ومتحمل للمسؤولية.
كما ناقشت الورقة الأهداف التي حرص الشيخ على أن تحققها المدرسة ومنها غرس العقيدة الإسلامية وتزويد الطلاب بالقيم والتعاليم، وتخريج عدد من الطلاب ليكونوا أئمة للمساجد وخطباء، وتزويدهم بقدر من علوم العربية والدينية و الحساب والاجتماعيات وغيرها , واعدادهم لغويا من حيث القراءة والكتاب مشيرا إلى افتتاح المدرسة ومقرها، وجهود الشيخ في تطوير مبناها ليكون أكثر اتساعاً والنظام الدراسي للمدرسة حيث قسمت فترة الدراسة لمدة أربع سنين , ينتقل خلالها الطلبة من مستوى دراسي إلى مستوى أعلى منه، وأبرز المقررات التي اشتملت على التربية الدينية واللغة العربية والرياضيات والثقافة العامة وأبرز المعلمين الذين قاموا بالتدريس في المدرسة ومنهم الشيخ العلامة الفقيه سعيد بن مبارك بن جويد الغيلاني والمعلم عبد الرحمن بن محمد بن احمد الهوتي والمعلم عبدالله بن عبدالكريم الفارسي والسيد علوي بن أحمد الغزالي والسيد محمد بن ابو بكر الغيلاني والمعلم صالح الشناصي والمعلم عبد الله بن سالم الحضرموتي مختتما بأن المدرسة تم أغلاقها بعد عام 1958 م, وهجرة صاحبها إلى المدينة المنورة.
فيما تناولت الجلسة الثانية أربع أوراق عمل وترأسها خالد بن علي المخيني تناولت الورقة الأولى “القاعدة الصورية” وقدمها الدكتور سالم بن سعيد العريمي الحاصل على الدكتوراه في الأدب والنقد قال فيها يقول المختصون إن ماهية القراءة هي تحويل الرموز البصرية والتي تتخذ شكلا معينا إلى ماهية صوتية تسهم في بناء المعنى وتكوين الدلالة، وبناء الفكر، وربما تأويل الرموز وتفسيرها والبحث عن دلالات معينة تتكون من هذه الرموز البصرية بفعل القراءة وتنبع أهمية القراءة من كونها العنصر الأساس في المعرفة، والطريقة الأولى في بناء العلم والثقافة، ولا بد أن المختصين تكونت لديهم طرقٌ معينة في تعليم القراءة للناشئة، ومارسوا بقدر كبير من الوعي والتجريب فعل القراءة، ومنحوها وقتا خاصا من جهدهم وبذلهم، وأسسوا طرائق مختلفة في إيصال النهج الأمثل في تعليمها للطلبة وتجربة المدارس قديما توحي لنا بهذا التميز والتفرد الذي ظهر جليا على وعي الطلبة وإدراكهم وقدرتهم السريعة على إجادة القراءة.
واضاف ومن المؤكد أن الطريقة الجزئية في تعلم القراءة التي تعنى بقراءة الحروف مرتبطة بالحركات في تفصيل دقيق وشامل وصبور قد آتت أكلها، وأخذت بألباب الطلبة وعقولهم ومهاراتهم كي يتقنوا القراءة في زمن قياسي لدى كثير منهم ممن يتمتع بذكاء عادي.
واوضح في ورقته البحثية عن القاعدة الصورية، والتي وضعها مؤلفها الشيخ سعيد بن مبارك بن جويد الغيلاني كمنهج ميسر لتعليم القراءة، مسترشدا بمناهج قريبة منها مثل القاعدة النورانية والقاعدة البغدادية، مع شيء من الخصوصية، تتضح من خلال الاختصار الظاهر في مكوناتها، والتمارين القرائية التي أُلحقتْ بها، وفق رؤية تعليمية قرائية معرفية ثاقبة، تنم عن وعي أصيل لمفهوم القراءة وكيفية تعليمها للتلاميذ.
وتناولت الورقة الثانية أهمية دراسة علوم الدين واللغة العربية في مناهج الشيخ لأبناء ولاية صور وقدمها الدكتور حمد بن محمد بن حمد الغيلاني تحدث من خلالها عن الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي عاش فيها العلامة الفقيه الشيخ سعيد بن مبارك بن جويد الغيلاني كالسفر الى باكستان ومكة والمدينة واليمن للتعلم وقبلها ركوب البحر والسفر لطلب الرزق والجهود العلمية التي بذلها الشيخ من أجل تطوير مستواه العلمي إلى جانب جهوده في التعليم في مدرسة الغزالي وتأسيسه للمدرسة الدينية الصورية بجهود شخصية ومثابرة ودعم من الأهالي والمناهج التي وضعها والكتب التي ألفها من اهمها الدرر المضيئة والرسائل وغيرها كثير ومواصلته للتعلم والتعليم في الحرم المدني ونوعية مناهجه الدراسية وأسلوب كتابته للمناهج بالإضافة إلى شخصية الشيخ وعائلته واهتماماته
بينما تناولت الورقة الثالثة” قراءة في مؤلفات الشيخ في علوم الفقه والعبادات ومناهجه” وقدمها تركي بن سعيد بن حمد البلال المخيني المختص في الآداب والدراسات الإسلامية والذي عرض من خلالها تطبيق الشيخ سعيد الغيلاني في الفروع الفقهية على البيئة الصورية ومراعاته لظروف واحوال مدينته وكيف كان يلحق الأصول الفقهية بفروعها ويخرج الفروع على الفروع مؤكدا بأن المسائل الفقهية كانت حاضرة عند ذهن الشيخ مستعرضا منهج الشيخ في التدريس ومعرفة ما أفرزته المدرسة التي أقامها من عطاء خصب للمدينة وقراءات لبعض مؤلفاته الفقهية
فيما قدم الأستاذ محمد بن سعيد العريمي من وزارة التربية والتعليم الورقة الرابعة بعنوان ” قراءة في كتاب ( قول الخلف والأسلاف في منع بيع الأوقاف)” واستعرض خلالها حرص الشيخ سعيد بن جويد الغيلاني على توضيح ما التبس على الناس في حكم بيع الأوقاف جهلا من بعضهم أو اتباع العوام والجهال ممن ينتسب للعلم معتقدين جواز بيعها فكتب هذه الكتاب بعنوان أقوال الخلف والأسلاف في منع بيع الأوقاف رغم أنه كان منشغلا في تأليف كتابين اخريين وهما تعليق مشكاة المصباح لشرح العدة والسلاح في أحكام النكاح وكتاب اللؤلؤة النقية بشرح الدروس الفرضية ولكن رأى تقديم الكتاب اقدم وألزم وأوجب وأحزم حمية للدين وتأكيدا لنصرة شريعة سيد المرسلين وتصحيحا لأخطاء بعض المسلمين
واختتمت الندوة بتكريم الجهات المتعاونة والإعلامية ورؤساء جلسات الندوة ومقدمي اوراق العمل إلى جانب تكريم كل من عبدالرحمن وعبدالرحيم إبني الشيخ العلامة الفقيه سعيد بن مبارك بن جويد الغيلاني