وفاء بنت عوض العلوية تكتب: أزهار السابعة صباحًا
وفاء بنت عوض العلوية
معلمة أولى بمدرسة العيجة للتعليم الأساسي
في صباحِ كل يوم ثمةُ أزهار جميلة فاتنة تختالُ في دروبِ الأملِ والطموح، زهورٌ ليست ككلِ الزهورِ، زهورٌ ربيعُها دائمٌ لم تقترنْ يوما بفصلٍ زمني، تتفتحُ في كلِ صباحِ وينتشر شذاها في أروقةِ المدارسْ، وبين مقاعدَ الدراسة.
قد تكون الساعةُ السابعةُ صباحاً مجردَ رقمٍ تمرُ به عقاربُ الساعةِ، ولكن بالنسبة للمعلمِ بصمة حضورٍ، ليس الحضورُ هنا في رأيي إثبات التواجد الجسدي بقدر ما هو بصمة حضورٍ للإنجاز، فأينما حلّ المعلم يحضر إنجازُه معه، ولطالما ارتبط الرقمُ 7 بالإعجازِ والتفردِ.
ليس لدي متسعٌ لإحصاء أهمية الرقم 7 فهو الرقمُ الصعب الذي يرتبط بالإنجازِ والإعجازِ والعطاء، فمن الساعةِ السابعةِ صباحا وإلى حين مغادرةِ الصرحِ التعليمي فإن وقت المعلمِ مفعم بالإنجاز ومثقلٌ بموازين الأجورِ العظيمةِ بإذن الله، لأن يومه عبارة عن بين علمٍ يدرّسه ونصيحة يوجهها حاملا قلبا حنونا لاحتضان الجميع، كما أن مؤشر التغير والتجديد لدية لا يتوقف.
قد تكون السابعةُ ثقيلة ومتعبة للبعضٍ، ولكن لم تكن بالنسبةِ لي سِوى تعب عذب بعذوبةِ من تشرّفتُ بتدريسهم، وهم اليوم كالغيثِ النافع أينما التقيت بهم تبارك المكانُ ونما الخير لي وفزت بسيل من الدعواتِ التي ترافقني أينما حللت، وأكاد أجزم أن الأمر كذلك بالنسبةِ للآخرين من أصحابِ الهممِ، لأن نقطة البدايةِ التي ما تكاد تصل إلا وتبدأ من جديد.
مهنةُ التعليم علمتني أن الأثرَ الطيبَ يُقاسُ بميزانِ العطاءِ وبقدرِ العطاءِ ستنجز، وبقدرِ حبِك لعملِك وإخلاصِك ستعلو همّتك ويحيطُك الآخرون بالتقدير، وهذا ما أستشعره دائمًا وألمسه في تعاملِ الآخرين معي.
لا تتذمروا من السابعةِ صباحا، فما أدركته أنت قد فات الآخرين، وما تنجزه قد يغبطُك عليه الآخرون، فكن محراثَ خيرٍ يُزيلُ الأتربةِ من أجلِ نثر بذور الخيرِ.
الطاقةُ الإيجابية التي تشحنُ بها قلبَك وعقلَك هي مَن تحدد مسارَ يومِك، فاجعل من السابعةِ مصدرَ سعادةٍ.
مقتطفات من السابعةِ..
علمتني مهنةُ التدريسِ، أن الإخلاصَ غير قابلٍ للقسمةِ بل يجب أن يكون تاما ليُقبل.
علمتني مهنةُ التدريسِ أن التربيةَ قبل التعليمِ، وأنه إذا استقامَ السلوكُ يسلك طريق العلمِ.
علمتني مهنةُ التدريسِ أن احتواءَ الطالبِ وظروفه يجب أن يكون أولويةً وسوف يتبعه النجاح حتما.
علمتني مهنةُ التدريسِ ألا تقيس عطاءَك بتقديرِ الآخرين، قّدر نفسَك واحتسبْ الأجرَ.
علمتني مهنةُ التدريسِ ألا تقيس جهدَك بدرجاتِ طلابِك، فمِن المجحفِ في حقِك أن تضعَهم في نفسِ الميزانِ.
علمتني مهنةُ التدريسِ أن أبذلَ ما في وسعي ولا أترك لعقلي مجالاً للندمِ أو ترديدُ كلماتٍ: “ليت – لو” .
علمتني مهنةُ التدريسِ أن التاريخَ يُعاد، وما تورثه لطلابِك ستجنيه عاجلًا أم آجلاً.
وأخير هناك أزهارٌ لا تذبلُ بل تظلُ يانعةً شامخةً زاهيةً مفعمةً بالعطا، لا تنتج إلا الشهد، فالشكرُ العميقُ لكل أزهار السابعةِ.