مراسي

أسماء الغبر تكتب: جسر خور البطح

أسماء الغبر
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ورحمة الله ونوره وبركاته لروح الفقيد الغالي والمعلم الدائم جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ثم جزيل الشكر الكثير لمن قام وطالبَ وسعى لإنشاء الجسر المعلق لـ”صور” الحبيبة والذي تم افتتاحه في عام 2011 الميلادي.


كم كانت الفترة التي بُنيَ فيها الجسر مشوقة جدا وحماسية، أتذكر أننا كنا في بعض الأحيان نذهب إلى هناك لنستكشف إلى أين وصل الإنشاء وما الجديد الذي طرأ عليه، وكانت التصورات ترافق مخيلاتنا كلما مررنا أو دار الحديث عنه.
في الحقيقة وبحكم الفطرة البشرية، كنا نتساءل: كيف ستمر السيارات عبر الجسر خاصة في أول الأيام ورغبة الكثيرين في خوض التجربة الجميلة لعبور هذا الجسر، وأقصد هنا ذلك الزحام المروري الذي كنت أظن أنه سيكون سببا في انهياره.


كما كنا نتساءل أيضا: هل سيسمح للشاحنات بالعبور؟! ومن الأفكار والاعتقادات الظريفة التي كانت تراود فرحتنا البريئة أننا كنا نقول ماذا لو وقع حادث -لا قدر الله- بسبب السرعة مثلا، حينها ستقفز السيارة في البحر وتغرق وسوف تأتي الشرطة وخفر السواحل وينقذون الأشخاص، وبعدها سيخاف الناس من الجسر، مع العلم واليقين أننا نعلم أن أي عمل ومشروع في عمان يتم وفق خطط السلامة والأمن للحفاظ على أرواح المواطنين قبل كل شيء.


أُقيم الجسر، وفي كل يوم يبرز جماله وإتقان العمل فيه حتى تم الانتهاء من تنفيذه، ولله در الجمال في ذلك اليوم، كان المنظر يسر الناظرين ويبهج العاشقين للطبيعة ويسعد الرسامين الهائمين في رسم الطبيعة الخلابة، الجسر زاد الجمال جمالا والحسن حسنا، كان المنظر جميلا -سبحان الله- وتجلت قدرة الخالق سبحانه وتعالى في تكوين الجبال الراسيات والبحر العيجاوي الفاتن كالجوار المنشآت في البحر كالأعلام.

يا لروعة انعكاس إضاءة الجسر على البحر زاهية بألوان الأحمر والأبيض والأخضر، علم سلطنة القلوب عُمان الشامخة، وأصبح الساحل أو الشاطئ مرسى واستراحة لأهل المنطقة والزائرين.


هنا وبكل حب وبكل فخر وانتماء وتفكّر بآيات الله، أقف قليلا لأصف لكم وسامة وملاحة ونضارة ليل “العفية” برفقة جسرها المميز، الله الله على القمر الذي تتزين به سماء العفيّة والضوء المنعكس على سطح البحر الجميل، الله الله على نعومة ورخاوة وطراوة ترابك الأسمر البديع، ولا أنسى القوارب الصغيرة التي تمر لتداعب موجات البحر وتجعلها تهرب كطفل صغير يخشى الموت.
وحقيقة أود أن أسأل من لديه معلومات وخبرة عن قوانين البحر وسفنه: لماذا يقف أحد الأشخاص على مؤخرة القارب دائما؟! هذا ما ألاحظه كثيرا ولا بد أن هناك سببا ما.. لنكمل الآن حديثنا عن بهاء عافيتي النادر لكي أصف عظمة العيجة غانية العفيّة وفاتنتها، فحين تجلس على الشاطئ وتنظر عيناك إلى المنارة الساحرة والتنسيق الجمالي المرتب في بيوت العيجة، تبتسم إعجابا وتقول عفويا “أُحبكِ فاتنتي” لأنها جميلة حلوة نظيفة مشعة جذابة لها زهوة مختلفة، فسبحان المعطي الوهّاب.


وقبل أن أنهي حديثي سوف أعطي لكل ذي حق حقه من الجمال، ففي أسفل الجسر مكان منعش ولطيف ويقابله من الجهة الأخرى مكان آخر يشاطره الجمال، “الدوسة” التي كانت محطة لانتظار العبّارة التي تقلّ العبارين إلى العيجة، هنا أدعوك مرحبا وأقول: ما أجمل إشراقة الشمس في عينيك، وصوت النوارس يداعب أذنيك ورائحة البحر وصوت أمواجه يرافقان نشاطك، وأذكار الصباح والرقية الشرعية تحرسك وتحفظك من كل سوء.
“لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى