تجمعات سكانية بولاية صور تغمرها مياه أمطار ” منخفض الحج ” وسط معاناة مستمرة
*مقترح بتخصيص بند وارتباط مالي من وزارة المالية قيمته مليون ريال لتقديم مساعدات عاجلة في أي أنواء مؤثرة
*نقل سكان القرى المتأثرة إلى مواقع مرتفعة وآمنة مراعاة للظروف المتكررة مع حدوث الأنواء المناخية
كتب – سعيد بن أحمد القلهاتي
عانت كثيرا بعض قرى ولاية صور كالصباخ والجناة وأبو قلع والمصفية وغيرها من القرى التي تقع على مستويات منخفضة جراء طمرها بالمياه والأتربة نتيجة هطول الأمطار المتفاوتة الغزارة التي شهدتها الولاية ضمن تأثيرات المنخفض الجوي (الحج) الذي تعرضت له عدد من محافظات السلطنة والذي سالت على إثره الأودية والشعاب مما أدى إلى غمر المياه لعدد من مساكن هذه القرى لاسيما قرية الصباخ التي أثرت عليها مياه الأمطار تاثيراً مباشراً، حيث كان لهطول الأمطار الغزيرة الأثر البالغ في جريان الأودية والشعاب وامتلاء سد الحماية بولاية صور والذي أدى إلى فيضان بحيرة السد وعبور ما فاض منها إلى هذه القرى.
وباشرت العديد من الجهات الحكومية والأهلية سواء كانت من داخل الولاية أو الولايات الأخرى إلى تقديم المزيد من المعونات والمساعدات من خلال تزويد السكان بالمواد المنزلية وتنظيف المنازل المتأثرة وذلك لمحاولة عودة حياة هذه التجمعات السكانية إلى طبيعتها.
وحال السكان وعدد من مسؤولي الولاية يقول: إنَّ الحل الأمثل لتجنب تكرار مثل هذه المآسي التي يتعرض لها الأهالي من أضرار في الأموال والممتلكات .. هو نقل هذه التجمعات إلى مواقع مرتفعة آمنة، ليهنأ الجميع بالراحة والاستقرار.
سيناريو متكرر من المعاناة
سعادة الشيخ صقر بن سلطان بن محمد الشكيلي والي صور تحدث قائلاً: تكرّرت سيناريوهات المعاناة التي يتعرض لها أهالي القرى المنخفضة في ولاية صور كالصباخ والجناة وأبو قلع والمصفية، إذ كما يعرف الجميع أنَّ هذه القرى عادة ما تغمرها مياه الأمطار فضلاً عن تأثر بعضها بمجاري الأودية التي تمر خلالها وذلك بحكم طبيعة تضاريس مواقعها، مما يؤدي إلى تكبد ساكنيها لمعاناة شديدة يتزامن معها فقدانهم للكثير من ممتلكاتهم سواء كانت بداخل المنازل كمختلف الأدوات المنزلية أو خارجها كالمركبات، ومما لا شك أنَّ الحكومة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه لن تألوا جهدا تجاه راحة وإسعاد المواطن أينما وجد.
وقال سعادة جهاد بن عبدالله آل فنه العريمي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية صور: “دائمًا ما تكون الأمطار نعمة ورحمة من الباري عز وجل وهي تجلب البهجة والسرور أينما هطلت ولكن ما حدث للمناطق المنكوبة والتي تفاجأ القاطنون بها بكمية المياه التي دخلت منازلهم بعد أن أصبحوا آمنين مطمئنين لوجود سد صور للحماية من مخاطر الفيضانات، أصبحت الأمطار وبالاً عليهم تجلب لهم المعاناة وتبدأ الأسرة منهم بعد انحسار المياه تعيد ومن الصفر ترتيب وتأثيث وتنظيف منازلها والذي لا شك سبب إرهاقًا ماليًا على كاهلهم وجهدًا كبيرًا إذ أن الغالبية القاطنة هي من فئات ذوي الدخل المحدود والمتوسط ، كما وكبد أغلب جهات الدولة المتعاونة المجهود الكبير والذي بذل خلال أكثر من أسبوعين لتعود الحياة إلى وضعها الطبيعي لهذه الأسر حيث أصبح لا بد من إيجاد حل جذري لهذه المنطقة والمنازل المنكوبة في المناطق الأخرى من خلال إيجاد موقع بديل يتم نقل كافة المنازل إليه لعدم تكرار هذا المآل المحزن.
مضيفاً سعادته: يجب كذلك إكمال منظومة الحماية في السد والتي تبقى منها سد طهوة وسد افتاء واللذان سيكون لهما أثر بالغ في تقليل الضرر الواقع، متطرقاً سعادة عضو مجلس الشورى إلى مشكلة انقطاع المياه عن الولاية كاملة والتي تحتاج لوقفة جادة من الجميع لتغيير مسار الأنبوب المغذي ولإيجاد خزان يكفي الولاية لمدة لا تقل عن عشرة أيام في حال تكرار أعطال مشابهة.
زيارة ميدانية
وقال سعيد بن محمد الحجري مدير الهيئة العمانية للأعمال الخيرية بمحافظة جنوب الشرقية: الهيئة العمانية للأعمال الخيرية بمحافظة جنوب الشرقية باشرت مهامها من أول يوم وذلك بعد هدوء الحالة الجوية واستقرار الأوضاع فقام المعنيون بزيارة ميدانية للوقوف على الأضرار التي خلفها منخفض الحج بولاية صور وبالذات في منطقة صباخ وما جاورها، حيث كما هو معروف أنَّ الهيئة العمانية للإعمال الخيرية تُعد عضوا رئيسيا في اللجنة الفرعية لإدارة الحالات الطارئة في المحافظة وعضوا رئيسيا في قطاع الإغاثة والإيواء بالمحافظة، حيث لم يتمكن المختصون من دخول منطقة صباخ في ثاني يوم ، وذلك لكثرة المياه في هذه المنطقة .
وباشرت الهيئة الزيارة الميدانية للمنطقة في ثالث يوم لحصر المنازل المتأثرة وبعد ذلك تم تشكيل اللجنة الرئيسية لتقديم المساعدات برئاسة سعادة الشيخ والي صور رئيس لجنة التنمية الاجتماعية وتم الاتفاق بتوحيد الجهود المبذولة من جميع المؤسسات والأفراد بمشاركة الهيئة العمانية للأعمال الخيرية بمحافظة جنوب الشرقية ودائرة التنمية الاجتماعية بولاية صور ولجنة الزكاة بالولاية وعدد من المتطوعين، حيث تم توزيع الأعمال والمهام على الجميع لخدمة ومساعدة المتضررين بأسرع وقت ممكن وبدون ازدواجية، مؤكداً أنَّ الهيئة العمانية للأعمال الخيرية لا تزال تعمل جنبًا إلى جنب مع اللجنة المشكلة من القطاعات المذكورة لتقديم ما يمكن تقديمه للمتضررين، مضيفاً سعيد الحجري في حديثه أنه على ضوء هذه الأضرار التي لحقت بأملاك المواطنين والبنية الأساسية، وقد آن الأوان للمعنيين بالقرار الحكومي أن يتم نقل هذه المناطق المتضررة والتي تتضرر دوماً بمثل هذه الحالات إلى أماكن مرتفعة أكثر أمناً من هذه المناطق وأن تكون هناك قنوات تصريف وسدود حماية لبعض القرى وتوسيع مجاري الأودية فيها،وأضاف: أقترح أيضاً تخصيص بند وارتباط مالي من وزارة المالية قيمته مليون ريال يكون في حساب الهيئة العمانية للأعمال الخيرية لتقديم المساعدات العاجلة بكافة أنواعها العينية والنقدية في أي أنواء ومنخفضات تؤثر على أي ولاية من ولايات السلطنة.
وقال عبدالله بن صالح الصلتي لقد توالت نكبات منطقة الصباخ بولاية صور خلال أعوام 1998م و 2007م و 2010م و 2015 م و 2019م ، والتي كان آخرها هذه النكبة 2021 م ونحن سكان المنطقة نتعرض للخسائر الخسارة تلو الأخرى خلال تلك السنوات وكل الحلول التي تكفلت بها الحكومة وآخرها سد وادي الفليج لم تجدِ نفعا، فالسيناريو يتكرر مع كل منخفض بأحداثه الموجعة ونعاني نفسياً ومادياً وجسديا، حتى أصبحت معظم منازل المنطقة متآكلة ومتصدعة وغير صالحة للسكن ، وهذا ما أكده تقرير وزارة الإسكان والتخطيط العمراني عام 2010 م ، وأن الحل الذي أطرحه ويطرحه سكان منطقة الصباخ نزع سندات ملكيات الأراضي وتعويضهم بمنازل تتناسب مع منازلهم وأسرهم مع وضع في الاعتبار المنازل ذات الطابق الواحد أو الطابقين وعدد الغرف والملاحق الأخرى للمنازل وفق أحجام الأسر، وما حدث الآن لن تجدي معه أية حلول إن لم تكن هناك حلول جذرية فنقل المنطقة هو المطلب الأساسي لأهالي منطقة الصباخ .
وقال عوض بن عامر الداودي : إنَّ ما حدث من أضرار بالغة بمنطقة الصباخ بولاية صور تتوجع له الأنفس وينفطر له القلب، عوائل مع أطفالها ظلت حوالي 7 ساعات بأسطح المنازل تنتظر الفرج وقد تكبدت الأسر القاطنة بالمنطقة خسائر مادية كالأثاث والمركبات، وأنَّ طلب أهالي منطقة الصباخ بنقلهم إلى منطقة آمنه أسوة بمنطقة الجناة مطلب قديم ففي عام 2010 م قمنا نحن الأهالي بمقابلة سعادة محافظ جنوب الشرقية وبحضور سعادة والي الولاية وتقدمنا برسالة مرفق بها ملف متكامل عن وضع منطقة الصباخ وتم تحويلها إلى الجهات المعنية بالموضوع وقد قابلنا عددا من المسؤولين للنظر في طلبنا وما زلنا نطالب ملتمسين عطف حكومتنا الرشيدة و أن يتم نقلنا إلى مكان آمن .
خسائر مادية جسيمة !
قال محمد بن سالم الفراجي: لقد تعرضت ولاية صور منذ عام 1998 م لأنواء مناخية استثنائية وصلت إلى 7 مرات وفي كل مرة وبشكل خاص تتأثر منطقة الصباخ بتلك الأنواء ويتعرض سكانها لخسائر مادية، وقد بذلت حكومتنا الرشيدة قصارى جهدها باحثة عن حلول جذرية من أجل توفير الحماية لأهالي ولاية صور وتُـجنبهم أية خسائر، ومن ضمن تلك الحلول سد الحماية بوادي الفليج، إلا أنَّ قدرة المولى عز وجل فوق أية قدرة، وحكومتنا الرشيدة -والحمد لله- بعد هذه الأنواء المناخية سخرت كافة الجهود من أجل إعادة الحياة بشكلها الطبيعي إلى منطقة الصباخ بولاية صور وقيام عدة مسؤولين بالحكومة بزيارات ميدانية للنظر في وضع المنطقة والالتقاء مع سكانها، ونلتمس من حكومتنا الرشيدة نحن سكان منطقة الصباخ البحث لنا عن مخطط آمن يتم فيه بناء مساكن للأهالي.
فهد بن شغيل بن سالم الصلتي قال: خلف كل قاطن في هذه القرية وجع كبير، وحكاية منذ عام 1998م كان لها بالغ الأثر على نفسه وروحه لهم باع طويل مع الألم والمتاعب.. مع انتظار المجهول والذي قد تحكمه الظروف الطبيعية متى أراد الله لها ذلك، كبرنا ونحن نترقب تلك الطرقات التي ما إن سكبت عليها قطرات المطر إلا وأحسسنا معها بأن الألم يولد من رحم المعاناة، لا أحد يعرف حجم تلك المعاناة في أعماقنا، و التي كانت هي الجزء المبتور من حكاياتنا في تلك القرية التي توالت عليها الكوارث والظواهر حتى أصبحت اليوم شاهداً للعيان لن يُرى القمر ما لم يكن حوله ظلامٌ حالك، هكذا حال هذه القرية والتي بدأت تسوء أوضاعها بعد كل منخفض، ولم تكن في الحسبان حتى أصبحت اليوم في وحل لا نعرف نهايته، أخبروهم أﻱ ﻭﺟَﻊ أبكانا ونحن نرى أسرنا تغرق في وحل الطين أشعروهم بحجم الألم الذي يعتصر قلوبنا ونحن نرى منازلنا تتهالك فوق رؤسنا، فلم يكن لذلك الحجر أن يصمد طويلا أمام تلك الوديان الجارفة، عذرا فكلماتنا المفقودة هنا تمثلنا نحن كبشر، والنقاط التي وضعت هنا هي مشاعرنا التي خبأها الزمن ونحن نؤمن بأن الله لا يدعُ ثِقال الأيام تدوم عُسراً ثم يُسراً ثم سـرورا، لذلك نطالبكم ونحن نلتمس طيب مشاعركم وحرصكم على سلامة المواطن بنقل مخطط هذه الحارة إلى مكان أكثر أمانا شاكرين لكم جهودكم لخدمة هذا الوطن المعطاء.
مطلوب حل جذري وسريع !
ويقول المهندس خالد بن محمد الداودي : في كل مرة تتعرض منطقة الصباخ لفيضان المياه ودخولها إلى المنازل وفي هذه المرة أدى فيضان سد وادي الفليج لارتفاع منسوب المياه عاليا حيث لم تتبين لنا الأسباب هل هي القلة الاستيعابية للسد مثلا أم التغيير المناخي الذي تتحدث عنه الجهات الإعلامية كسبب آخر؟ وإن كان كذلك فمعاناة ومشكلة، منطقة الصباخ ستستمر وإن لم يتم إيجاد حل جذري وسريع ستتعرض المنطقة لمثل هذه الحالات بشكل مستمر بفعل التغيير المناخي وسيكون ذلك عبءا على حكومتنا الرشيدة لإعادة الحياة بشكلها الطبيعي للمنطقة ولأهالي المنطقة، نتمنى من الجهات المعنية ضرورة الإسراع بنقل المنطقة إلى منطقة آمنة مع مراعاة ظروف كل أسرة من حيث شكل المبنى وعدد غرفه.