ندوة “جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العُماني” تختتم أعمالها
كتب ـ فيصل بن سعيد العلوي:
دعت المواطنين لتسجيل وثائقهم ومخطوطاتهم
- اليوم الأخير يرصد “الحراك العلمي” و”أدوار الوقف” ويعرّف بـ “تقنيات الملاحة البحرية” و”الكناية”
أسدلت ندوة محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العُماني التي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لثلاثة أيام في ولاية صور الستار على فعالياتها عبر 27 بحثا معمقا استنطقت الحقائق التاريخية العلمية استعرض فيها الباحثون الدراسات والمصادر التاريخية المتنوعة، والوثائق والمخطوطات والروايات الشفوية التي أكدت الدور التاريخي في تكوين التاريخ الحضاري لسلطنة عمان، وأوضحت مختلف الجوانب المتعلقة بمحافظة جنوب الشرقية عبر تاريخها الطويل لتكون غدا مرجعا موثوقا للأجيال القادمة.
وقد أوصت الندوة في ختام أعمالها أمس عبر كلمة قدمها الدكتور طالب بن سيف الخضوري المدير العام المساعد للبحث وتداول الوثائق بمواصلة العمل في عمليات التنقيب والمسح الأثري في محافظة جنوب الشرقية، وتعزيز الجهود القائمة في الاستثمار السياحي لمختلف المواقع الأثرية والتاريخية فيها، وإجراء المزيد من الأبحاث والدراسات المعمقة في الجانب الأثري والحضاري والتاريخي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لمحافظة جنوب الشرقية، وإيلاء المزيد من الدراسات الوثائقية المتعلقة بتاريخ محافظة جنوب الشرقية، لاسيما في فترة الاحتلال البرتغالي وإبراز دور المقاومة العُمانية فيها من خلال الوثائق والمصادر المتعددة لهذا الغرض، وإبراز الشخصيات التي أسهمت في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتي كان لها تأثير في تاريخ المحافظة.
كما دعت “التوصيات” المواطنين وتشجيعهم على تسجيل وثائقهم ومخطوطاتهم التي ترصد جوانب مختلفة من تاريخ محافظة جنوب الشرقية وتقديم الشهادات والروايات الشفوية من خلال قيام المواطنين بتسجيلها، ودعوة المواطنين للاستفادة من خدمات الهيئة في مجال تعقيم وثائقهم ومخطوطاتهم وصيانتها وترميمها لغرض المحافظة عليها من التلف.
أوصت الندوة أيضا بتحسين ميناء صور وتطويره لإعادة دوره ونشاطه البحري كمركز تجاري نظرا لقربه من الأسواق التجارية في جنوب الجزيرة العربية والبحر الأحمر وشرق أفريقيا ودول المحيط الهندي وغيرها، واستمرارية قيام هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بإقامة المؤتمرات والندوات التاريخية والمعارض الوثائقية التاريخية بالمحافظات والمدن العُمانية، إضافة إلى نشر البحوث العلمية التي قدمت في الندوة في السلسلة التاريخية والحضارية للمحافظات والمدن العُمانية، التي تصدرها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.
حفل الختام
كان ذلك في الحفل الختامي الذي أقيم أمس برعاية سعادة الدكتور يحي بن بدر بن مالك المعولي محافظ جنوب الشرقية بحضور سعادة حمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية الذي أشاد في كلمته بالدور الكبير الذي بذله الباحثون في أوراقهم خلال أيام الندوة، مؤكدا على أهمية إبراز الدور التاريخي للمحافظات وتقديم كل ما من شأنه إبراز تاريخها ودور أهلها وعلمائها وإسهاماتها الحضارية. وقد عرج “الضوياني” على دور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في الحفاظ على المخطوطات العامة والخاصة واستغلالها لتقديم منتج بحثي عميق ورصين للمجتمع.
كلمة الباحثين
وقدم الدكتور سالم بن حمد النبهاني (الباحث التاريخي بوزارة التربية والتعليم)، كلمة نيابة عن الباحثين قال فيها: خلال أيام الندوة طافت بنا أوراقها البحثيّة في استهلالها بجغرافية المكان المرتبط بالاقتصاد، وتحدثت الأبحاث عن قلهات وصور ورأس الحد وطيوي وجعلان بني بو علي والكامل والوافي وصولا إلى جبل قهوان بجعلان بني بو حسن، وسردت لنا آثار الإنسان العماني القديم في فترة ما قبل الميلاد وبعده، وسجلت لنا مآثره بعدما سطع النور المحمدي ( عليه الصلاة والسلام )، وبيّنت لنا حراكه العلمي والثقافي ومراكز التعليم التي كانت منارات للعلم والمعرفة، وأخرجت لنا مكنونات المخطوطات والكتب العربية والأجنبية المترجمة، وتم خلال جلسات الندوة الخمس التي احتوت على 27 ورقة علمية دارت نقاشات ثرية ومثرية للبحاثين وأوراقهم العلمية، شارك في هذه المناقشات والمداولات المشاركون والحضور والمختصون من أبناء المكان الزاخر بأمجاده الذين يقع على عاتقهم كتابة تاريخ الأحداث بأقلامهم لتبقى تحمل اسمهم.
البعد الحضاري لجعلان بني بوعلي
وكان قد شهد اليوم الختامي للندوة إلقاء 9 أوراق عمل في جلستين شهدت “الأولى” والتي ترأسها الأستاذ الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي إضافة إلى ورقة جديدة للندوة قدمها الشيخ شاكر بن حمود آل حموده بعنوان “اسْتِثمَارُ البُعْدِ الحَضَارِيِ لجَعْلان بَنِي بُوعْلِي مِن مَنْظُورٍ اسْتِرَاتيِجِيٍ مُسْتَدَامٍ”سلط فيها الباحث الضوء على أهمية استثمار ذلك البعد بدءا من البعد الديموغرافي (التنوع السكاني) وطوبوغرافية المكان حيث هيبة بحر العرب وخيراته شرقاً والصحاري المحاذية لامتدادات الربع الخالي غرباً وكذلك سلاسل الجبال المتناثرة والسهول الرعوية وبطون الأودية وصولاً إلى المقدرات التاريخية والتراثية وما أوجده الإنسان من كنوز مكنوزة على مر الزمان واختلاف المكان شاهدة على إبداعه وقدرته على التكيف والتغيير، وقال “آل حموده”: كل ذلك أضعه في بوتقة واحدة تهدف إلى أهمية استثمار تلك المقدرات وفق منهجية استراتيجية سليمة سواء على مستوى مبادرات المواطنين وتوظيف طاقاتهم وتقديم رؤاهم في استثمار ما تضمه بيئتهم من أبعاد عظيمة وثرية أو من خلال التوجهات الحكومية المستدامة في استغلال المواقع الجغرافية المتفردة والمقدرات لولاية جعلان بني بوعلي في مشاريع حكومية مستدامة تنهض بالإنسان والمكان وتكون حافزاً لمبادرات قادمة تضع في اهتمامها المزج بين الحداثة والأصالة ولعل السياحة هي أبرز منتج يُرفد مع الاقتصاد وهنا أضع هذا النموذج المهم الذي من وجهة نظري أرى أن العمل عليه مستقبلا سيكون ناجحاً.
وأوصى الباحث في ختام ورقة عمله “أهمية أن تحظى الولاية بمشروع استراتيجي تنموي، والاستثمار الأمثل في المقدرات التاريخية والجغرافية، والاستثمار في الثروة الزراعية، والسمكية والحيوانية، والعمل على إعادة إحياء الصناعات النسيجية، ودعوة الباحثين والمهتمين بالتاريخ والتراث الإنساني إلى إعمال الفكر والتوسع بحثياً في ما يخص تاريخ الولاية، ووضع المخاطر والكوارث والأزمات سواء كانت بشرية أو طبيعية موضع اهتمام، وإطلاق حملة للبحث والتوسع في المهام البحثية بأسلوب علمي.
الحراك العلمي في صور
تلا ذلك ورقة عمل تناولت “الحراك العلمي والثقافي في ولاية صور خلال القرنين 19 و 20م” قدمها الشيخ حمود بن حمد الغيلاني الباحث في التاريخ البحري العُماني قال فيها: عرفت ولاية صور في القرنين التاسع عشر والعشرين بالنشاط العلمي والثقافي الذي ميزها عن مثيلاتها من المدن العُمانية، فالرغبة الكبيرة لمشايخ المدينة وأعيانها في التعليم دفعهم للتعاقد مع عدد من علماء حضرموت واندمجوا بسرعة في المجتمع، ويمكننا الرجوع لعدد من تلك المدارس مثل دار الفلاح والمدرسة الدينية الصورية.
وألقى “الباحث” في ورقته الضوء على جانب مهم لم ينل الاهتمام من قبل في الدراسات والبحوث التي تناولت الولاية، وأبرز في ورقته الجانب التاريخي المرتبط بتراث الإنسان العُماني في ولاية صور ومنابع ثقافته ومجالات اهتماماته العلمية.
مشيرا في ورقته إلى اهتمام أبناء ولاية صور بطلب العلم والسعي إليه في مختلف الأمصار والدول. وتأليف أبناء ولاية صور في مختلف العلوم، اللغوية والدينية والعلمية والفنية، وهي مجالات قد يكون لم يسبقهم إليها أحد. وإيقان الصوريين بأهمية العلم في تسيير أعمالهم لارتباطهم بعلوم الإبحار والتجارة. وانتشار نتاجاتهم المعرفية في المجالات العلمية واللغوية والفنية إلى كثير من الأمصار والدول في المنطقة.
مسيرة التعليم في المحافظة
وفي الورقة الثالثة من الجلسة الأولى قدمت سعاد بنت سعيد السيابية الأكاديمية بقسم إدارة الوثائق والمحفوظات، بكلية الشرق الأوسط ورقة حول “تطور مسيرة التعليم في محافظة جنوب الشرقية في عهد السلطان سعيد بن تيمور (1350 ه/ 1932م – 1390هـ/ 1970م) ” حيث سلطت الضوء على تاريخ التعليم ومراحل تطوره في محافظة جنوب الشرقية في فترة السلطان سعيد بن تيمور، وأهم رواد العلم والمعرفة من العلماء والمثقفين، وأبرز المدارس التي أنشأت بها، والوقوف على أهم العلوم التي استندت عليها تلك المدارس في التعليم.
وقد تناولت الباحثة ملخصا عاما لبدايات التعليم في عُمان عامة، ومناطق جنوب الشرقية خاصة، ويتركز المحور الأول: حول رصد أهم المدارس التي أنشأها العلماء والدولة في فترة السلطان سعيد بن تيمور التي تزامنت كذلك مع إمامة عبدالله بن محمد الخليلي، والعلوم التي تدرس فيها، ثم ركز المحور الثاني: على تتبع أهم العلماء ودورهم العلمي في تلك المناطق.
وقالت “السيابية” في بحثها: شهد نظام التعليم في سلطنة عُمان منذ فترة مبكرة العديد من المحطات التي كانت شاهدة على تطوره واستمراره كونه أحد الأساسيات في بناء الحضارة وتقدم المجتمع، وقد كان نظام التعليم قديماً محصوراً على دور الكتاتيب وحلقات الدرس في المساجد التي كانت منارة علم ومعرفة، ثم شهدت عُمان نهضة علمية واسعة ابتدأت بدور العلماء في تأسيس المدارس التي حملت أسماءهم، ثم تبعتها المدارس التي أنشأتها الدولة منذ زمن اليعاربة.
مدرسة الفلاح
بينما سلطت الورقة الرابعة الضوء على مدرسة الفلاح “الغزالي” قدمها الدكتور صلاح بن ربيع المخيني موجه كوادر دينية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مؤكدا على التعليم قبل حكم السلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ والذي مرت به سلطنة عمان ومحافظة جنوب الشرقية وولاية صور بوجه خاص، وتكمن أهميته في تسليط الضوء على المدرسة النظامية الأولى في المحافظة.
كما قدمت الباحثة في ورقتها ثلاثة محاور، المحور الأول: مؤسس المدرسة النظامية الأولى مدرسة الفلاح “الغزالي”، والمحور الثاني: تطرق الحديث عن المدرسة الفكرة والنشأة والصعوبات، وأسماء المعلمين الذين قاموا بهذه الوظيفة، مع ذكر المناهج الدراسية المتنوعة التي كانت تُدّرس بشكل ممنهج ومنظم، أما المحور الثالث فذكر فيه كوكبة ممن درس وتعلم في هذه المدرسة، حيث ابرز البحث الجهود التي بذلها مؤسس المدرسة مع الأهالي لإنشاء المدرسة وتكوينها، ومدى تأثيرها على أبناء الولاية والمحافظة، وكيف أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي إسهام مباشر في سبقهم لإقامة ذلك الصرح، وللتعرف على مساهمة معلمي مدرسة الفلاح وطلابها في بناء المجتمع وخدمته سواء في فترة الأربعينيات أو بعد تولي السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- الحكم.
مخطوطة البيان
وفي ورقة أخيرة ضمن الجلسة الأولى قدم ناصر بن صالح الإسماعيلي معلم أول، بوزارة التربية والتعليم ورقة حول “صور في مخطوط البيان” مستخرجا المسائل الفقهية المتضمنة في مخطوط البيان والمتعلقة بمدينة صور في القرن الحادي عشر الهجري من خلال تحليل الفتاوى الفقهية للوصول إلى صورة عامة لواقع الحياة في المجتمع العُماني في القرن الحادي عشر ولاية صور أنموذجا، كما سلط الضوء على مخطوط جامع البيان ونبذة عن مؤلفه الشيخ بلعرب بن أحمد بن مانع الإسماعيلي.
وتناول الباحث في ورقته ثلاثة محاور “الأول”: عن المؤلف سيرته وأعماله، أما المحور الثاني: فتحدث عن مخطوط البيان موضوعه والعلماء الذين وردت إجاباتهم فيه وأجزائه، وتناول المحور الثالث: ركنا للمسائل التي ورد فيها ذكر صور وتحليلها لتحديد صورة مقاربة لطبيعة الحياة في مدينة صور في تلك الفترة.
وأكدت الورقة أن المخطوط يشكل مادة خاما يمكن للباحث أن يستفيد منها، كما أن مؤلفه كان واليا في صور في عهد الدولة اليعربية وارتبطت أسرته بمدينة صور منذ تحريرها من الاحتلال البرتغالي وقد تناوب على ولايتها جملة منهم، وقد أظهر الباحث جوانب تاريخية مهمة عن المؤلف وأسرته والمخطوط وموضوعاته بالإضافة للمسائل التي تناولت النوازل المرتبطة بمدينة صور في القرن الحادي عشر الهجري قبيل تأليف المخطوط.
تاريخ الفلاحة والمهن
وفي الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور موسى بن سالم البراشدي قدم الأستاذ الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي أستاذ التاريخ الحديث المعاصر ورقة بعنوان “تاريخ الفلاحة والمهن المرتبطة بها في محافظة جنوب الشرقية: ولاية الكامل والوافي نموذجاً” وسعى في ورقته إلى إلقاء الضوء على تاريخ الفلاحة في الولاية وكشف المهن والصناعات المرتبطة بها، ونوع الإنتاج من التمور، والحبوب، والفواكه والحمضيات والحشائش. ومن هذا المنطلق،
وقال “الهاشمي” في ورقته: مارس العُمانيون الزراعة منذ عصور ما قبل التاريخ، وإذ تعد الزراعة من أهم فروع الاقتصاد في العالم، إذ كونها تزود الإنسان بالغذاء، والمواد الخام اللازمة المرتبطة بالاقتصاد. والفلاحة تتطلب موارد بشرية ماهرة إلى جانب من المهن الزراعية، ومهارات معينة في مجالاتها المختلفة، وبالزراعة استوطن الإنسان فكانت بداية الحضارة الإنسانية. ومن مقومات الزراعة مصادر الرّي، ونوع التربة وجودة المناخ ونوع الزراعة من نخيل وخضراوات وفواكه وحمضيات وحشائش للحيوانات وغير ذلك من الأمور التي تحسن الزراعة وتطور الإنتاج. ولهذا فإن أهميتها للحياة البشرية لا غنى عنها، وكون الحضارة الإنسانية عمادها الزراعة.
علوم وتقنيات الملاحة
وفي الورقة الثانية في الجلسة الثانية بعنوان “علوم وتقنيات الملاحة البحرية عند نواخذة صور من خلال رحمانيات القرنين التاسع عشر والعشرين” قال مقدمها بدر بن ناصر العريمي معلم تاريخ بوزارة التربية والتعليم: يمثل الإنتاج العلمي الملاحي المدون عند نواخذة صور عصارة الجهد الذي قاموا به خلال رحلاتهم البحرية والتجارب التي مروا بها، فقد دأبوا على تدوين تجاربهم الأمر الذي أدى إلى توافر مادة معرفية علمية غزيرة صُنفت إلى مؤلفات علمية (الرحمانيات) ويقصد بها الأدلة البحرية.
وتتبع الباحث في ورقته أهم المعارف العلمية والتقنية التي امتلكها نواخذة صور وكيف كان يتم توظيفها خلال الرحلة البحرية، وعرف بأجهزة الرصد والقياس الفلكي التي استخدمها نواخذة صور وقدم الشروحات العلمية حول كيفية استخدامها، كما أبرز أهمية البيانات الرقمية والوصفية في الرحمانيات للباحثين في العلوم الأخرى ذات العلاقة المباشرة بعلم الملاحة مثل علم الجغرافيا وعلم الفلك، ورصد أبرز التغيرات التي طرأت على أساليب وتقنيات الملاحة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين مقارنة بأساليب وتقنيات الملاحة في فترات سابقة.
أنظمة الوقف
وقال فهد بن سالم المسروري المشرف التربوي بوزارة التربية والتعليم حول “الوقف ودوره في التنمية الثقافية والعلمية في ولاية جعلان بني بو حسن”: إن نظام الوقف يعد من الأنظمة التي لعبت دوراً فاعلاً في الكثير من المجتمعات حيث كان الوقف هو الممول الرئيسي لكثير من المرافق والمؤسسات الثقافية والعلمية، وتمتلك ولاية جعلان بني بو حسن سجلاً مميزاً للوقف، تنوعت أدوراه ما بين الاجتماعي والعلمي، فقد كان للوقف دور بارز في التكافل والتراحم وتوطيد الروابط الاجتماعية بين فئات المجتمع، وفي إيجاد نشاط علمي وثقافي في ولاية جعلان بني بو حسن.
وعرّف الباحث في ورقته بالأثر الاجتماعي للوقف والدور الذي أداه في حياة المجتمعات بذكر نماذج منها معرجا على اهتمام أهالي قطاع جعلان بالتنمية الثقافية والعلمية ومجالاتها المختلفة، وتحدث عن الوقف العلمي والاجتماعي ونماذج من الوقف لأهالي ولاية جعلان بني بو حسن وتحليل لنسخ الوقف.
الكناية في المحافظة
وحول الكناية في محافظة جنوب الشرقية قال الدكتور ماجد بن حمد العلوي معلم لغة عربية بوزارة التربية والتعليم خلال رصده حركة الكناية في محافظة جنوب الشرقية: تُعدُّ الكناية أسلوبا تواصليا يُضمِنُ المتكلم فيها زمرة من الإيحاءات السيكولوجية والاجتماعية والخبرات الحياتية في قالب بلاغي تتناسق الدلالات في تركيبها وتتحد مع المعاني من طريق العقل لا المواضعات اللغوية فقط؛ فالكناية عند العُمانيين تُفهم من خلال عملية عقلانية يستعين فيها المتلقي بمعطيات خارجية لفهم مضامينها، وبما أن الكناية قديما وحديثا لا يمكن التوصل إليها من طريق دلالة اللفظ، فإن عملية الفهم تتجه إلى تفكيك تركيبها لمعرفة حركة الأعراف المتداخلة فيها، وعليه تُعدُّ الكناية في محافظة جنوب الشرقية ملمحا حضاريا لكونها لبنة من لبنات التخاطب الاجتماعي.
وقد أوصى الباحث في ورقته بتوثيق الكنايات المتداولة شفويا بين الناس في بقعة جغرافية محددة وهي جنوب الشرقية، وتحليل مقصود الكنايات، وظلالها الدلالية من خلال تتبع مسالكها وغاياتها، واقتراح منهج معاصر لتحليل الكنايات كما وردت على ألسنة الناس.