تضخم في القلب يبدد حلم طفل عماني في حياة طبيعية
الزمن:تضخم في عمل القلب، والحاجة الماسة لإجراء عملية لاستبداله، قلب حياة الشاب فتحي ج خ ذي السابعة عشر عاما، دون سابق إنذار. بدأت مشاكل فتحي الصحية تلوح في الأفق أثناء أدائه للتمارين في ناديه الذي كان يأمل أن يكون واحدا من لاعبيه المميزين، خصوصا مع ما أظهره من تميز وموهبة شهد له بهما من شاهده وهو يلعب الكرة ومن هناك بدأت حكاية فتحي تنسج فصولا جديدة من الألم والمعاناة. تلك باختصار قصة فتحي الذي يحول بينه وعودته للحياة الطبيعية حاجته للخضوع لعملية تغيير قلب بأقصى سرعة ممكنة. سعى من أجلها ذووه لتوفير تكاليفها التي قدرت بخمسة وعشرين ألف ريال عماني للحصول على القلب، بالإضافة إلى بقية المصاريف الأخرى المرتبطة بالإقامة. لكن امكانياتهم المادية المحدودة لم تكن معينة لهم في تحقيق ذلك.
طفولة طبيعية
طفولة فتحي لم تصادف ما يعكر صفوها؛ ولم تنبئ عما ينتظره مستقبلا بعد أن يصبح يافعا؛ حيث كان محبا للعب في الحارة، ومرتادا لشواطئ مدينته صور العفية يجري عليها خلف كرته مع أقرانه، مستمتعا بممارسة الحياة الطبيعية التي تقترن بالمغامرات، والممارسات الطفولية المشاغبة لمن هم في عمره. وكان شغوفا بممارسة كرة القدم؛ مما حدا به لتكوين فريق كروي من أبناء حارته، اعتاد معه خوض المباريات المختلفة مع الفرق من الحارات الأخرى.ومع توالي السنوات أظهر موهبة واضحة في لعب كرة القدم، جعلت أقرانه يلقبونه ب”سيرجو” تشبيها له بموهبة البرازيلي “سيرجو” لاعب نادي الهلال السعودي سابقا. داعبت الأحلام فتحي ليصبح لاعب كرة متميزا ومشهورا الذي وجد في هوايته سبيلا للإبداع، كما جعلت أعين بعض المتابعين لفرق الأندية تنتبه له، ويتم ضمه لنادي صور الرياضي ليلعب في فريق الناشئين، ليحظى بأولى الخطوات على طريق تحقيق أحلامه.
بداية المعاناة
لم تكتمل فرحة فتحي كثيرا بانضمامه لفريق الناشئين بنادي صور الرياضي، فمع انخراطه في التمارين والمباريات، بدأ الإعياء يظهر واضحا على فتحي، الذي أخذ في التردد على المستشفى كثيرا، مما اضطر المختصين لإجراء فحوصات دقيقة للتعرف على حالته والتي تبينت معاناته من مشاكل في القلب؛ تتطلب خضوعه للعناية الطبية المتواصلة، والابتعاد عن النشاطات الرياضية أو أي ممارسات مجهدة ومنها الدراسة لأنها تشكل خطرا على حياته.
رحلة العلاج
في محاولة للتأكد من الحالة الصحية لفتحي، تردد أبواه على المستشفيات الحكومية والخاصة بدءا من مستشفى صور الذي أفادت تقاريره بأن فتحي يعاني من تضخم في القلب يتطلب استبداله أو الاعتماد على العقاقير الطبية والابتعاد عن أي نشاط مجهد وهو ما أكدته بقية التقارير من المستشفى السلطاني والجامعة والمستشفيات الخاصة في السلطنة، فما كان من والده إلا أن قام بجمع ما يستطيع عليه من مال من أجل علاجه في الخارج، فكانت رحلته الأولى للعلاج إلى الهند، وبعد القيام بكافة الفحوصات الطبية المطلوبة هناك، جاءت التقارير مطابقة لنظيرتها في السلطنة مع التأكيد على حاجته للخضوع للعناية الطبية المستمرة ، وأنه لا سبيل لعلاجه إلا من خلال إجراء عملية جراحية له لاستبدال القلب بأقصى سرعة ممكنة. مع إمكانية إجراء الجراحة بالهند مع نسبة نجاح تصل إلى 85% وذلك بعد توفير التكاليف المادية اللازمة والتي بلغت 30 ألف ريال عماني.
أبواب مسدودة
لم تكن الحالة المادية لعائلة فتحي معينة لهم في تقديم العلاج له؛فـ30 ألف ريال ، يعد مبلغا كبيرا جدا عجز ذووه عن توفيره. فالأب موظف حكومي براتب دون المتوسط، ولديه قرض إسكاني يقوم بسداده، ووالدته ربة بيت. وما تمكنوا من توفيره من مال تم انفاقه على رحلة العلاج إلى الهند، لذلك قام والده بمخاطبة وزارة الصحة، وإرفاق التقارير الطبية الخاصة بولده، فكان رد وزارة الصحة بإمكانية إجراء الجراحة لأول مرة بالسلطنة لابنه. مع الحاجة إلى انتظار الوقت اللازم لتوفر القلب المناسب، وهو أمر اعتبره والده فيه نوع من المجازفة لاسيما وأنها ستكون الأولى كما أن عليهم انتظار متبرع مناسب وهو أمر قد يستغرق وقتًا طويلاً، وحالة فتحي لا تحتمل الانتظار.
ومع خوف الأسرة من خوض هذه المخاطرة كونها الأولى من نوعها، وعدم معرفة ما يمكن أن تؤول إليه الأمور تبعا لذلك، مع طول المدة التي يمكن أن ينتظر خلالها توفر قلب مناسب؛ فقد توجه الأب بطلبه للحصول على المساعدة من ديوان البلاط السلطاني في توفير نفقات العلاج لابنه لإجراء العملية بالهند وكذلك فعل مع جهة عمله إلا أنه لم يتلق ردا في الوقت الذي تشكل فيه الساعات أهمية بالغة لإجراء العملية، وإنقاذ حياة فتحي.
كما حاول الأب التقدم بطلبه لبعض الشخصيات المقتدرة ماديا، للحصول على مساعدات تمكنه من إنقاذ حياة ابنه، وإجراء العملية له؛ أملا في أن يتمكن من العيش، ومواصلة حياته بصورة طبيعية كغيره من الأصحاء؛ إلا أنه أيضا لم يجد آذانا صاغية لرجائه، أو تعاطفا مع معاناته، أو أيادي تمتد لتعينه حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
عبر الزمن
بعد المحاولات المختلفة التي قام بها الأب للحصول على مساعدة من الجهات الحكومية وغيرها، وعدم تلقيه ردا إيجابيا من أي طرف. تقدم الأب بقصة ابنه إلى جريدة الزمن علها تكون بابا يقوده إلى فضاءات من الأمل، عبر نشر القصة وإطلاع المتابعين عليها. فحياة شاب في مقتبل العمر تتوقف على 30 ألف ريال أو تزيد قليلا. قد لا يراها البعض مبلغا هائلا يحول بين المرء والحياة، ولكنها عند البعض تشكل مستحيلا لا يقدر على توفيره. بينما تمر الساعات ثقيلة مؤلمة عليهم وعلى ابنهم، يشاهدون حياته تذوي أمام أنظارهم، ويقاسي هو فيها مشاكل صحية ابتلاه الله بها، كما يقاسي عجزه عن مواصلة تعليمه الذي توقف عند الحادي عشر وأن يعيش ربيع حياته صحيحا معافى كغيره.
عبر “الزمن” نطلق نداءً عاجلا كي يحظى فتحي بفرصته في الحياة، والعودة إلى حياته الطبيعية، ليكون يوما كما يتمنى أن يكون، وكما تحلم عائلته له أن يكون. وكي لا يكون المال سببا في فقدنا لأبنائنا، وإنما سببا في أن يعيشوا حياة صحية وطبيعية.